اختلف العلماء كما قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري في هذا الباب، فقالت طائفة: لا أحد من بني آدم إلا وهو يألم من الوجع ويشتكي المرض; لأن نفوس بني آدم
[ ص: 305 ] مبنية على الجزع من ذلك والألم فغير قادر أحد على تغيرها عما خلقها عليه بارئها، ولا يكلف أحد أن يكون بخلاف الجبلة التي جبل عليها.
فمن تأوه من مصيبة تحدث عليه أو فعل نظير الشيء من ذلك، فقد خرج من معاني أهل الصبر ودخل في معاني أهل الجزع، وممن روى ذلك nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس، قال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: يكتب على المريض كل ما تكلم به حتى الأنين .
وقال ليث: قلت لطلحة بن مصرف: إن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوسا كره الأنين في المرض، فما سمع لطلحة أنين حتى مات . واعتلوا لقولهم بإجماع الجميع على كراهة شكوى العبد ربه على ضر ينزل به أو شدة تحدث به، وشكواه ذلك إنما هو ذكر للناس ما امتحنه به ربه تعالى على وجه الضجر، قالوا: فالمتأوه: المتوجع في معنى ذاكره للناس متضجرا به وأكثر منه، وقال: آه. وليس الذي قال هؤلاء يسيء.
وقال: إنما الشاكي ربه من أخبر عما أصابه من الضر والبلاء متسخطا قضاء الله فيه، فأما من أخبر به إخوانه ليدعوا له بالشفاء والعافية وأن استراحته من الأنين والتأوه فليس ذاك بشاك ربه، وقد شكا الألم والوجع المؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وجماعة من القدوة ممن ذكرهم nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في هذا الباب وغيرهم.
[ ص: 306 ] روي عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري: أنه دخل عليه أصحابه وهو يشتكي ضربة، فقال: أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين [الأنبياء: 83] وهذا القول أولى بالصواب; لما يشهد له من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وأيضا فإن الأنين من ألم العلة والتأوه وقد يغلبان الإنسان ولا يطيق كفهما عنه، ولا يجوز إضافة مؤاخذة العبد به إلى الله; لأنه تعالى قد أخبر أنه لا يكلف نفسا إلا وسعها، وليس في وسع ابن آدم ترك الاستراحة إلى الأنين عند الوجع يشتد به والألم ينزل به فيؤمر به أو ينهى عن خلافه.
فصل:
قول أيوب عليه الصلاة والسلام: مسني الضر [الأنبياء: 83] ليس مما يشاكل تبويبه; لأن أيوب إنما قال ذلك داعيا ولم يذكره للمخلوقين، وقد ذكر أنه كان إذا سقطت دودة من بعض جراحه ردها مكانها.
فصل:
المراد بالهوام هنا القمل; لأنها تهيم في الرأس؛ أي: تدب، وأما هوام الأرض، فقال الجوهري والهروي: إنها الأحناش وكل ذي سم يقتل .
قال الهروي: فأما ما لا يقتل ويسم فهي السوام مثل العقرب والزنبور، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: هو حشرات الأرض . قال: وهي دواب الأرض الصغار اليرابيع والضباب.
[ ص: 307 ] فصل:
قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنه - : ("أو يتمنى المتمنون").
قال ابن التين : ضبط في غير كتاب بفتح النون، وإنما هو بضمها أصله: المتمنيون على زنة المتطهرون. فاستثقلت الضمة على التاء، فاجتمع ساكنان والواو فحذفت التاء لذلك، وضمت النون لأجل الواو; إذ لا يصح واو قبلها كسرة.
وفي نسخة "أنا ولا ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر" كذا في بعض النسخ المعتمدة: أنا ولا، بتخفيف أنا ولا، أي يقول: أنا أحق، وليس كما يقول يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر".
وفي بعضها: أنا أولى، أي: أنا أحق بالخلافة، قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : هذه أجودها .
ورواه بعضهم: أنا ولي بتخفيف النون وكسر اللام، أي: أنا أحق والخلافة لي.
ورواه بعضهم: أنا ولاه، أي: أنا الذي ولاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وبعضهم رواه: أنى ولاه، بتشديد النون أي: كيف ولاه. وفي الحديث دلالة ظاهرة على فضل nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق وإخبار منه عما يقع في المستقبل بعد وفاته، وأن المسلمين يأبون عقد الخلافة لغيره وفيه إشارة إلى أنه سيقع نزاع، وقد وقع ذلك.
ورواه بعضهم: أو آتيه، بألف ممدودة بعدها تاء مثناة فوق ثم من تحت من الإتيان. وصوبه بعضهم كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض قال: وليس كما صوب بل الصواب بالباء الموحدة والنون يوضحه ما في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: أخاك; ولأن إتيانه - عليه السلام - كان متعذرا; لأنه عجز عن حضور الجماعة . قال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي: القادح في خلافة nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق مقطوع بخطئه وفسقه، وهل يكفر أم لا؟ لا سيما وقد انعقد إجماع الصحابة على ذلك من غير مخالف .
فصل:
وفيه من الفوائد: الغيرة، وقد سلف الكلام على ذلك.
فصل:
والراوي عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: nindex.php?page=showalam&ids=14058الحارث بن سويد وهو أبو عائشة التيمي، تيم الرباب كما في تلميذه nindex.php?page=showalam&ids=12402إبراهيم التيمي.
فصل:
قوله: في (زمن حجة الوداع)، قد سلف غير مرة أنه كذا في "الموطأ" ، وأن سفيان قال: كان ذلك يوم الفتح، والصواب الأول.
فصل:
قوله فيه: (أفأتصدق بثلثي مالي. قال: "لا") احتج به أهل الظاهر على أن من أوصى بأكثر من ثلثه لا يجوز، وإن أجازه الورثة، قالوا: ولم يقل: إن أجازه ورثتك جاز.
[ ص: 309 ] وهذا لا دليل فيه; لأنه - عليه السلام - لم يتكلم على إجازة الورثة، وإنما يتكلم على ما يفعله الموصي ولا يفتقر إلى غيره فيه.
وقوله: "والثلث كثير". قال به إسحاق، وقال جماعة: الخمس، ومنهم من استحب أقل من الثلث.
وقوله: ("إن تذر ورثتك أغنياء .. ") الحديث.
احتج به nindex.php?page=showalam&ids=10لابن مسعود وإسحاق في قولهما: إنه إذا لم يترك وارثا أنه يجوز له أن يوصي بجميع ماله، والفقهاء على خلافه.
قيل: وذلك إذا كان بيت المال بيد عدل.
وذكر عن الشيخ أبي القاسم السيودي أنه أوصى بجميع تركته لعلماء القيروان سوى ميراث زوجته لما كان القيروان بيد العرب، وجعل القاضي حكم بذلك في حياته، وأفتى المتأخرون من الشافعية أنه إذا لم ينتظم أمر بيت المال بالرد على أهل الفرض غير الزوجين ما فضل عن فروضهم بالنسبة فإن لم يكونوا صرف إلى ذوي الأرحام .