ذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=12112أبي عمرو الشيباني: قال: حدثني صاحب هذه الدار - وأشار إلى دار nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=650496سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي العمل (أحب) إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها". قال: ثم أي؟ قال: "ثم بر الوالدين". قال: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله". قال: حدثني بهن، ولو استزدته لزادني.
الكلام عليه من أوجه:
أحدها:
هذا الحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا في الأدب وأول الجهاد والتوحيد.
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الإيمان، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي هنا والبر والصلة،
وهو في nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من حديث أم فروة، وضعفه. وحديث "أول [ ص: 127 ] الوقت رضوان الله وآخره عفو الله" له طرق ضعيفة.
[ ص: 128 ] ثانيها:
أبو عمرو هذا تابعي مخضرم ثقة، واسمه: سعد بن إياس، عاش مائة وعشرين سنة، وهو شيخ عاصم في القراءة. والشيباني - بالشين المعجمة - نسبة إلى شيبان بن ثعلبة بن عكابة، ونسبته هذه النسبة بخمسة أشياء ذكرتها في "مشتبه النسبة" فراجعها منه، منها: أبو عمرو السيباني - بسين مهملة مفتوحة ومكسورة - وهو والد يحيى بن أبي زرعة.
[ ص: 129 ] فائدة:
في الرواة: nindex.php?page=showalam&ids=12112أبو عمرو الشيباني اثنان؛ هذا والنحوي الكبير.
ثالثها:
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود، هو أحد السابقين الأولين، حليف الزهريين، أسلم قبل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، وهو صاحب الستر والوساد والسواك، مات بعد الثلاثين، ودفن بالبقيع.
وفي الرواة أيضا عبد الله بن مسعود الغفاري: روى عن نافع، عن بردة في فضل رمضان، وقيل: أبو مسعود.
[ ص: 130 ] الثالثة: المراد هنا بالعمل عمل البدن والجوارح، فإنه وقع الجواب بالصلاة على وقتها، والنية مطلوبة فيه باللازم.
الرابعة: فيه فضيلة أول الوقت؛ لأن صيغة (أحب) تقتضي المشاركة في الاستحباب، فيحترز به عن آخر الوقت، ورواية الصلاة في أول وقتها أصرح. ويستثنى من تفضيل الصلاة أول الوقت فروع بسطناها في كتب الفروع ومنها "شرح المنهاج".
وخالف أصحاب الرأي فقالوا: إن التأخير إلى آخر الوقت أفضل إلا للحاج فإنه يغلس بالفجر يوم النحر بمزدلفة.
الخامسة: سلف في باب (من قال: إن الإيمان هو العمل) الجمع بين هذا الحديث وما قد يعارضه، فراجعه من ثم.
السادسة: تعظيم بر الوالدين حيث قدمه على الجهاد، فأذاهما محرم. والبر خلاف العقوق، فبرهما: الإحسان إليهما، وفعل الجميل معهما، وفعل ما يسرهما. ومنه الإحسان إلى صديقهما، وقد أفرد بالتأليف. وما أحسن قول nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة في قوله تعالى: أن اشكر لي ولوالديك [لقمان: 14]، أن من صلى الخمس فقد شكر الله، ومن دعا لوالديه عقيبها فقد شكرهما.
السابعة: قوم: (ثم أي؟): هو غير منون؛ لأنه موقوف عليه في الكلام، والسائل ينتظر الجواب، والتنوين لا يوقف عليه، فتنوينه ووصله بما بعده خطأ، فيوقف عليه وقفة لطيفة ثم يأتي بما بعده، كذا نبه عليه الفاكهي في "شرح العمدة".
[ ص: 131 ] وأما nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي فقال في "مشكله" في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: أي الذنب أعظم؟ أي: مشدد منون، كذلك سمعته من أبي محمد بن الخشاب، وقال: لا يجوز إلا تنوينه؛ لأنه معرب غير مضاف. قال: ومعنى (غير مضاف) أن يقال: أي الرجلين.
الثامنة: قوله: (حدثني بهن): كأنه تقرير وتأكيد لما تقدم إذ لا ريب في أن اللفظ صريح ذلك وهو أرفع درجات العمل.
التاسعة: قوله: (ولو استزدته لزادني) يحتمل أن يريد من هذا النوع المذكور - أعني مراتب الأعمال - وتفضيل بعضها على بعض. ويحتمل أن يريد لزادني عما أسأله من حيث الإطلاق؛ تنبيه على سعة علمه وكيف لا، وترك ذلك خشية التطويل.
هذه الثلاث المذكورات أفضل الأعمال بعد الإيمان؛ لأن من ضيع الصلاة حتى خرج وقتها مع خفة مؤنتها وعظم فضلها فهو لا شك لغيرها [ ص: 132 ] من أمر الدين أشد تضييعا وأشد تهاونا واستخفافا، وكذا من ترك بر والديه فهو لغير ذلك من حقوق الله تعالى أشد تضييعا، وكذا الجهاد.
فهذه الثلاثة دالة على أن من حافظ عليها حافظ على ما سواها، ومن ضيعها كان لما سواها أضيع، ولذلك خصت بأنها أفضل الأعمال.