[ ص: 249 ] وشيخه فيه سعد بن حفص أبو محمد الطلحي مولاهم الكوفي يعرف بالضخم انفرد به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن الخمسة، وليس في شيوخهم من اسمه سعد سواه مات سنة خمس عشرة ومائتين.
ثالثها: حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - رضي الله عنه - : ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكبائر فعد منها: "عقوق الوالدين".
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الأيمان والنذور حديث nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر في الكبائر. وفيه: زيادة "اليمين الغموس" . وفي الديات والاعتصام حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود "أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك" . وفيه: الزنا بحليلة الجار من الكبائر.
وروى الزنا من الكبائر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين وعبد الله بن أنيس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة.
[ ص: 250 ] وفي هذا الباب زيادة: "منع وهات، ووأد البنات" وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النميمة وترك التحرز من البول من الكبائر . وروى السرقة من الكبائر وشرب الخمر nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين في غير "صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري".
فهذه آثار رويت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تذكر الكبائر، فجميع هذه الكبائر في هذه الآثار ست وعشرون كبيرة وهي:
الشرك، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، واليمين الغموس، وأن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، والزنا، والسحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والفرار من الزحف، وقذف المحصنات، والسرقة، وشرب الخمر، والإضرار في الوصية، والقنوط من رحمة الله، ومنع ابن السبيل الماء، والإلحاد في البيت الحرام، والذي يستسب لوالديه، ومنع وهات، ووأد البنات، والنميمة، وترك التحرز من البول، والغلول.
وقال آخرون: كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنه - قال: وقد ذكرت الطرفة وهي النظرة.
قال ابن الحداد: وهذا قول الخوارج، قالوا: كل ما عصي الله به فهو كبيرة يخلد صاحبه في النار. واحتجوا بقوله تعالى: ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم [الجن: 23] قالوا: فالكلام على العموم في جميع المعاصي.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قول آخر حكاه nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري قال: كل ذنب ختمه الله بنار أو لعنة أو غضب فهو كبيرة. قال nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس: قيل nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس: الكبائر
[ ص: 254 ] سبع؟ قال: هي إلى السبعين أقرب، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير: قال رجل nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس: الكبائر سبع؟ قال: هي إلى السبعمائة أقرب منها إلى السبع، غير أنه لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إصرار .
وذهب جماعة أهل التأويل إلى أن الصغائر تغفر باجتناب الكبائر، وهو قول عامة الفقهاء، وخالفهم الأشعرية أبو بكر بن الطيب وأصحابه فقالوا: معاصي الله كلها عندنا كبائر. كذا في كتاب nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال . وهو محكي عن الأستاذ، قالوا: وإنما يقال لبعضها صغيرة بالإضافة إلى ما هو أكبر منها كما يقال: الزنا صغيرة بإضافته إلى الكفر، والقبلة المحرمة صغيرة بإضافتها إلى الزنا، وكلها كبائر، ولا ذنب عندنا يغفر واجبا باجتناب ذنب آخر بل كل ذلك كبيرة ومرتكبه في المشيئة غير الكفر لقوله تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [النساء: 48] واحتجوا بقراءة من قرأ: (إن تجتنبوا كبير ما تنهون عنه) على التوحيد، يعنون الشرك.
[ ص: 255 ] وقوله - عليه السلام - : "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يظن أنها تبلغ حيث بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه" ، وحجة أهل التأويل والفقهاء ظاهر قوله: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم [النساء: 31]. قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري: يعني: نكفر عنكم أيها المؤمنون باجتناب الكبائر صغائر سيئاتكم; لأن الله قد وعد مجتنبها بتكفير ما عداها من سيئاته، ولا يخلف الميعاد ، واحتجوا بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن عبيد الله بن سلمان الأغر عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ما من عبد يعبد الله لا يشرك به شيئا ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويجتنب الكبائر إلا دخل الجنة" وقال nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - رضي الله عنه - : إن الله تجوز عما دون الكبائر فما لنا ولها، وتلا الآية.
وأما قول الفراء: من قرأ (الكبائر) فالمراد بها كبير الإثم، وهو الشرك وهو خلاف ما ثبت في الآثار، وذلك أن في حديث nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة nindex.php?page=hadith&LINKID=652460 "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر" الحديث. فجعل فيه قول الزور والعقوق من أكبرها، وجعل في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: قتل الولد خشية أن يأكل معه، والزنا بحليلة الجار من أعظم الذنوب، فهذا يرد تأويل الفراء أن كبائر يراد بها كبير وهو الشرك خاصة، ولو عكسه من قوله ، فقيل له: من
[ ص: 256 ] قرأ كبير الإثم المراد به كبائر، كان أولى في التأويل بدليل هذه الآثار الصحاح وبالمتعارف المشهور في كلام العرب وذلك أنه يأتي لفظ الواحد يراد به الجمع، كقوله تعالى: يخرجكم طفلا [غافر: 67] وقوله: لا نفرق بين أحد من رسله [البقرة: 285]. والتفريق لا يكون إلا بين اثنين فصاعدا. والعرب تقول: فلان كثير الدينار والدرهم يريدون الدنانير والدراهم.
وقولهم: إن الصغائر كلها كبائر دعوى، وقد ميز الله بينها وبين ما سماه سيئات من غيرها بقوله: إن تجتنبوا الآية، وأخبر أن الكبائر إذا جونبت كفر ما سواها، وما سوى الشيء هو غيره، ولا يكون هو، ولا ضد الكبائر إلا الصغائر، والصغائر معلومة عند الأمة، وهي ما أجمع المسلمون على رفع الحرج في شهادة من أتاها، ولا يخفى هذا على ذي لب.
وأما احتجاجهم بحديث: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة .. " إلى آخره، فلا دلالة فيه أن تلك الكلمة ليست من الكبائر.
ومعنى الحديث: إن الرجل ليتكلم بالكلمة عند السلطان يغريه بعدو له يطلب أذاه، فربما قتله السلطان أو أخذ ماله أو عاقبه أشد عقوبة، والمتكلم بها لا يعتقد أن السلطان يبلغ به كل ذلك فيسخط الله عليه إلى يوم القيامة، وهذا كقوله: وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم [النور: 15] .
[ ص: 257 ] فصل:
معنى "منع وهات": منع الواجب وأخذ ما ليس له، ("ووأد البنات") هو قتلها قال تعالى: وإذا بشر أحدهم بالأنثى [النحل: 58] وقوله: ("وقيل وقال") كذا روينا بغير صرف، ويروى بالتنوين. قال أبو (عبيد) : فيه نحوت غريبة، وذلك أنه جعل القال مصدرا كأنه قال: هو قيل، يقال: قلت قولا وقيلة وقالا. ومعناه كثير القول فيما لا يغني، وكثرة السؤال: يحتمل سؤال الناس ما في أيدي الناس، أو السؤال عما لا يغني من العلم.