وعنه: "إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة، فيقال: .. " هذا الحديث.
اللواء: ممدود، وقوله: ("هذه غدرة فلان ابن فلان"). فيه رد لقول من زعم أنه لا يدعى الناس يوم القيامة إلا بأمهاتهم; لأن فيه سترا على آبائهم، ومصداق هذا الحديث في قوله تعالى: وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا [الحجرات: 13] قال أهل التفسير: الشعوب: النسب الأبعد، والقبائل: النسب الأقرب. يقال: فلان من بني فلان. غير أن النسب إلى الآباء وإن كان هو الأصل، فقد جاء في الحديث أن يدعى المرء بأحب أسمائه إليه، وأحبها إليه أن يدعى بكنيته; لما في ذلك من توقيره، والدعاء بالآباء أشد في التعريف وأبلغ في التمييز، وبذلك نطق الكتاب والسنة. وقد كان الأعراب الجفاة يأتون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس مع أصحابه فيقولون: أيكم محمد بن عبد المطلب؟ ولا يذكرون ما شرفه الله به من النبوة المعصومة والرسالة المؤيدة،
[ ص: 595 ] فلا ينكر ذلك عليهم; لما خصه الله تعالى به من الخلق العظيم، وجبله عليه من الطبع الشريف.