فإن صح فالاختيار في التسليم والأدب فيه تقديم اسم الله على اسم المخلوق وإن فعل غير ذلك، وقدم اسم (السلام) عليه على اسم الله فلم يأت محرما ولا حرج عليه; لثبوته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
[ ص: 75 ] فصل:
المراد -والله أعلم- ("بما تيسر"): الفاتحة يدل [عليه] الرواية الأخرى الصحيحة "اقرءوا بأم القرآن وبما تيسر غيرها معها". فلا حجة إذن لمن لم يوجبها، كما هو رواية شاذة عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك والمشهور عنه وجوبها، واختلف قوله; هل هي في كل ركعة، أو في الصلاة، أو في جلها؟
وفيه: وجوب الطمأنينة وهو مشهور مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، ووقع له: إذا لم يرفع رأسه من الركوع حتى يسجد يجزئه، ونحوه nindex.php?page=showalam&ids=16338لابن القاسم.
وقوله: (وقال nindex.php?page=showalam&ids=11804أبو أسامة في الأخير: "حتى يستوي قائما") يعني الجلسة الأخيرة، وقد يقال للجالس: قائم; قال تعالى: إلا ما دمت عليه قائما [آل عمران: 75]. قاله nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي.
وليس بظاهر; لأنه إنما علمه ركعة واحدة والذي يليها هو القيام، ويكتفى بتعليمها عن تعليم باقي الركعات، ولعل تشهده كان جيدا فلذلك لم يعلمه له.
فروع متعلقة بالسلام:
لو سلم على صبي لا يجب عليه الجواب قاله المتولي، وهو ظاهر لانتفاء التكليف في حقه، لكن الأدب، والمستحب له الجواب، ولو سلم الصبي على البالغ ففي الوجوب على البالغ وجهان ينبنيان على صحة إسلامه، إن قلنا: يصح فكالبالغ، وإلا فلا يجب الرد; نعم يستحب.
[ ص: 76 ] (والأصح) عند النووي من الوجهين الرد; لقوله: فحيوا [النساء: 86] وهذا البناء فاسد كما ذكر الشاشي.
ولو سلم بالغ على جماعة فيهم صبي فرد الصبي وحده فالأصح لا يسقط; لأنه ليس أهلا للفرض. وثانيهما: نعم، كأذانه للرجال وكصلاته على الجنازة مع وجودهم على الأصح، وصفة السلام على الصبيان: السلام عليكم يا صبيان، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم في كتابه "عمل اليوم والليلة" من حديث محمد بن بكار، عن عثمان بن مطر، عن ثابت عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رفعه.
فإن سلم على شخص ثم لقيه عن قرب أعاد ثانيا وثالثا وأكثر، فإذا تلاقيا فسلم كل منهما على صاحبه دفعة واحدة أو أحدهما بعد الآخر فالمختار الاكتفاء، فلا يجب على أحد منهما الرد بعد، وإذا لقي إنسان آخر فقال له: وعليك السلام، قال المتولي: لا يكون سلاما، ولا جواب; لأن هذه الصيغة لا تصلح للابتداء، فإن قال: عليك أو عليكم السلام بغير واو فقطع الواحدي بأنه سلام يتحتم على المخاطب به الجواب، وإن كان قد قلب اللفظ المعتاد، وما قاله هو
[ ص: 77 ] الظاهر وجزم به الإمام; لأنه يسمى سلاما. وفيه احتمال كما في نظيره من التحلل من الصلاة، والأصح هناك نعم، ويحتمل أن يقال: إن هذا لا يستحق فيه جوابا بكل حال لما سلف في حديث أبي جري، ويحتمل أن يكون الحديث ورد في بيان الأحسن (والأكمل) ولا يكون المراد أنه ليس بسلام، وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في "الإحياء": يكره أن يقول ابتداء: عليكم السلام; لحديث أبي جري، والمختار أنه لا يكره الابتداء بهذه الصيغة، فإن ابتدأ رد الجواب.
ابتداء الذمي بالسلام حرام على الأصح، فإن سلم علينا أجبنا بعليكم من غير زيادة، وقيل: بعليك، وقيل: وعليكم السلام فقط.
[ ص: 78 ] وروى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه كتب إلى رجل من أهل الكتاب: السلام عليك، وفي رواية كريب عنه: كتب nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس إلى يهودي حبر تيماء فسلم عليه، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=16845كريب: سلمت عليه؟! فقال: إن الله هو السلام.
وعن إبراهيم: إذا كتبت إلى اليهودي والنصراني في الحاجة فابدأه بالسلام.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب: ما أرى بأسا أن أبدأهم بالسلام قال تعالى: فقل سلام . وعن أبي أمامة أنه كان لا يمر بمسلم ولا يهودي ولا نصراني ولا صغير ولا كبير إلا بدأه بالسلام فقيل له في ذلك، فقال: أمرنا أن نفشي.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=17000ابن عجلان أن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=4وأبا الدرداء وفضالة بن عبيد كانوا يبدءون أهل الشرك بالسلام، وعن nindex.php?page=showalam&ids=17000ابن عجلان أيضا عن أبي عيسى قال: من التواضع أن تبدأ بالسلام من لقيت، وعن أبي بردة أنه كتب إلى رجل من أهل الذمة فسلم عليه.
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض عن جماعة: ابتدئوهم بالسلام للضرورة وشبهها، وهو قول علقمة nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي، وعن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي وقد سئل عن nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم مر بكافر فسلم عليه، فقال: إن سلمت فقد سلم الصالحون، وإن تركت فقد ترك الصالحون.
وسيأتي بسط ذلك قريبا حيث ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري.
[ ص: 79 ] فرع:
لو سلم ولم يرد فيحالله منه بأن يقول: أبرأته من حقي من رد السلام، أو جعلته في حل منه ويلفظ بهذا، ويقول: واجب فينبغي لك أن ترد علي لأجل إسقاط الفرض.
فرع غريب:
في "القنية" من كتب الحنفية: لا يسلم المتفقه على أستاذه، ولو فعل لم يجب رد السلام، وكذلك الخصمان إذا سلما على القاضي، ولا يسلم على الشيخ الممازح أو المرتد أو الكذاب أو (اللاغي) ومن يسب الناس، ومن يسب الناس، وينظر في وجوه الناس في الأسواق ولا تعرف توبته، والذين جلسوا في المسجد للقراءة أو التسبيح أو لانتظار الصلاة ما جلسوا فيه لدخول الزائر عليهم فليس هذا أوان السلام فلا يسلم عليهم; ولهذا قالوا: لو سلم عليهم الداخل وسعهم أن يجيبوه; لأن السلام إنما يكره على من جلس للزيارة والتحية.