ذكر فيه حديث أسامة - رضي الله عنه - أنه - عليه السلام - ركب حمارا عليه إكاف تحته قطيفة فدكية.. الحديث بطوله، وفيه: فسلم عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم وقف.
[ ص: 82 ] عبد الله مع نفاقه وعداوته للإسلام وأهله إذ كان فيه من أهل الإيمان جماعة.
وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أنه قال: إذا مررت بمجلس فيه مسلمون وكفار فسلم عليهم. وذلك خلاف ما يقوله بعضهم أنه غير جائز على من كان عن سبيل الحق منحرفا إما لبدعة أو لضلالة من الأهواء الردية، أو ملك من ملوك الكفار كان بها. ونظمه غير سائغ، وذلك أنه لا ضلالة أشنع ولا بدعة أخبث ولا كفرا أرجس من النفاق ولم يكن في نفاق عبد الله بن أبي يوم هذه القصة شك.
فإن قلت: إنه - عليه السلام - إنما سلم عليه ونزل إليه يومئذ ليدعوه إلى الله وذلك فرض عليه. قيل: لم يكن نزوله - عليه السلام - ليدعوه; لأنه قد تقدم الدعاء منه لعبد الله بن أبي ولجماعة المنافقين في أول الإسلام فكيف يدعى إلى ما يظهره، وإنما نزل - عليه السلام - هناك استئلافا لهم ورفقا بهم رجاء رجوعهم إلى الحق، وقد كان - عليه السلام - يستألف بالمال فضلا عن التحية، والكلمة الطيبة من استئلافه إذ كناه عند nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة فقال له سعد: (اعف عنه واصفح)، أي: لا تناصبه العداوة، كل هذا رجاء أن يراجع الإسلام.
وقد أجاز nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في تكنية اليهودي والنصراني، وقد روي عن السلف أنهم كانوا يسلمون على أهل الكتاب كما سلف قريبا.
وروى جرير عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة قال: كنت ردفا nindex.php?page=showalam&ids=10لابن مسعود، فصحبنا دهقان من القنطرة إلى زرارة فأشعب له طريق واحد فيه، فقال عبد الله: أين الرجل؟ فقلت. أخذ في طريقه، فأتبعه
[ ص: 83 ] بصره. وقال: السلام عليكم، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، أليس تكره أن يبدءوا بالسلام؟ قال: نعم، ولكن حق الصحبة. وكان nindex.php?page=showalam&ids=16461ابن محيريز يمر على السامرة فيسلم عليهم، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: إذا دخلت بيوت أهل الكتاب فقل: سلام على من اتبع الهدى.
قلت: كلاهما صحيح فهذا عام والأول خاص; لأن فيه أنه - عليه السلام - لما رأى عبد الله بن أبي وحوله رجال من قومه، تذمذم أن يجاوره، فنزل فسلم فجلس، وكان نزوله إليه (بقياد تام)، وفيه نظير ما سلف من التسليم على الدهقان وكلام nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي فالأول بغير سبب يدعوكم أن تبدءوهم من قضاء دينكم، أو حاجة تعرض لكم قبلهم، أو حق صحبة في جوار أو سفر.
ومعنى: (خمر عبد الله أنفه): غطاه، وكل مغط عند العرب فهو مخمر، ومنه: "خمر إناءك ولو بعود تعرضه عليه".
[ ص: 84 ] و (البحرة): القرية، وكل قرية لها نهر ماء جار أو ناقع فإن العرب تسميها بحرا، وقد قيل في قوله تعالى: ظهر الفساد في البر والبحر [الروم: 41]: إنه عني بالبحر الأمصار التي فيها أنهار ماء، والعرب تقول: هذه بحرتنا، أي: بلدنا.
وقوله: (يعصبوه) أي: يسودوه، والسيد المطاع يقال له: المعصب; لأنه يعصب الأمور برأسه، والتاج عندهم للملك، والعصابة للسيد المطاع. ومعنى (شرق بذلك): غص به، يقال: غص الرجل بالطعام، وشرق بالماء، وشجى بالعظم.
فصل:
فيه دليل: أنه - عليه السلام - كان يقدر في ذلك الوقت على مقاومة ابن أبي، ومقاومة من يؤذيه من الأنصار بمدينتهم وموضع سلطانهم.
فصل:
قوله: (عبد الله بن أبي ابن سلول) سلول: قبيلة من هوازن، وهو اسم أمهم كما ذكره الجوهري. فعلى هذا لا ينصرف.