قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سره. فلما توفي قلت لها: عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني. قالت: أما الآن فنعم. فأخبرتني قالت: أما حين سارني في الأمر الأول، فإنه أخبرني أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرة "وإنه قد عارضني به العام مرتين، ولا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتقي الله واصبري، فإني نعم السلف أنا لك". قالت: فبكيت بكائي الذي رأيت، فلما رأى جزعي سارني الثانية قال: "يا فاطمة، ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين" أو: "سيدة نساء هذه الأمة؟". [انظر: 3623، 3624 - مسلم: 2450 - فتح: 11 \ 79]
ذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - في إسراره nindex.php?page=showalam&ids=129لفاطمة فبكت، ثم أسر إليها فضحكت وأفشته بعد.
وفيه: ما ترجم له وجواز مسارة الواحد بحضرة الجماعة، وليس ذلك من نهيه عن مناجاة الاثنين دون الواحد; لأن المعنى الذي
[ ص: 141 ] يخاف من ترك الواحد لا يخاف في ترك الجماعة، وذلك أن الواحد إذا تساروا دونه وقع بنفسه أنهما يتكلمان فيه بما يسوؤه، ولا يتفق ذلك في الجماعة، وهذا من حسن الأدب وكرم المعاشرة.
وفيه: أنه لا ينبغي إفشاء السر إذا كانت فيه مضرة على المسر; لأن فاطمة - رضي الله عنها - لو أخبرت بذلك في ذلك الوقت ما أخبرها به من قرب أجله; لحزن بذلك حزنا شديدا، وكذلك لو أخبرتهن بأنها سيدة نساء المؤمنين لعظم ذلك عليهن واشتد حزنهن، فلما أمنت بعد موته أخبرت بذلك. وفيه اجتماع أزواجه في بيت واحد في مرضه.
ومعنى: (لم تغادر منا واحدة): لم تترك أن يحضر. وفيه العزم بغير الله، قال في "المدونة": إذا قال: أعزم عليك بالله إلا ما أكلت، فلم يأكل، لا حنث على واحد منهما بمنزلة: أسألك بالله، فإن قال: أعزم بالله إن فعلت، أرى ذلك لا شك في كونه يمينا.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب: ينبغي له ألا يحنثه في: أعزم عليك بالله إلا ما فعلت ما لم تكن معصية، وهو من باب قوله تعالى: واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام [النساء: 1]. قال: يريد أن يسأل بالله وبالرحم، فإن لم يفعل فلا كفارة على واحد منهما.
وقولها: (لما (أخبرتني) ). يحتمل آخر شيء، يحتمل أن تكون اللام بمعنى إلا وما زائدة، هذا مذهب الكوفيين، ويحتمل أن تكون ما مشددة بمعنى (إلا)، ذكره سيبويه، وأنكره الجوهري.
[ ص: 142 ] وقوله: ("ألا ترضين.. "). إلى آخره، فيه فضل فاطمة على nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، وقيل: ما رأيت فاطمة بعد رسول الله حتى ماتت [مبتسمة] إلا حين أريت النعش كيف ينصب عليها فتبسمت وقالت: سترتني سترك الله. وماتت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بستة أشهر وقيل: ثلاثة أشهر (قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك): والأول أثبت، ودفنت ليلا وصلى عليها nindex.php?page=showalam&ids=18العباس.