وكان - عليه السلام - يدعو في أوقات ليله ونهاره، وعند نومه ويقظته بنوع من الدعاء يصلح لحاله تلك ولوقته ذلك، فمنها: أوقات كان يدعو فيها، ويعين له ما يدعو فيه في أوقات الخلوة، وعند فراغ باله، وعلمه بأوقات الغفلة التي يرجى فيها الإجابة، فكان يلح عند ذلك، ويجتهد في دعائه، ألا ترى سؤاله أنه حين انتبه من نومه أن يجعل في قلبه نورا، وفي بصره نورا، وفي سمعه نورا، وجميع جوارحه؟! ومنها: أوقات كان يدعو فيها بجوامع الدعاء ويقتصر على المعاني دون تعيين وشرح، فينبغي الاقتداء به في دعائه في تلك الأوقات والتأسي به في كل الأحوال.
فصل:
قوله في آخر حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - الأول بعد قوله: "واجعل لي نورا": (قال nindex.php?page=showalam&ids=16845كريب: وسبع في التابوت. فلقيت رجلا من ولد nindex.php?page=showalam&ids=18العباس فحدثني بهن فذكر: عصبي، ودمي، ولحمي، وشعري، وبشري، وذكر خصلتين). يعني أنه أنسي سبع خصال من الحديث على ما يقال لمن لم يحفظ العلم: علمه في التابوت، وعلمه مستودع في الصحف. وليس nindex.php?page=showalam&ids=16845كريب القائل: (فلقيت رجلا). وإنما قاله nindex.php?page=showalam&ids=16024سلمة بن كهيل الراوي عن nindex.php?page=showalam&ids=16845كريب: سأل (العباسي) عنهن حين
[ ص: 215 ] نسيهن nindex.php?page=showalam&ids=16845كريب، فحفظ سلمة منهن خمسا ونسي أيضا خصلتين، كذا في nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال أنه سأل العباسي، والذي في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ما سلف. قال: وقد وجدت الخصلتين (من) رواية داود بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه وهما: "اللهم اجعل نورا في عظامي، ونورا في قبري".
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي أيضا: قوله: (وسبع في التابوت). يقول: هن في صحيفة في تابوت ولد nindex.php?page=showalam&ids=18العباس وأتى بهن كناية جعلهن جوارح قال: والخصلتان العظم والمخ، وقيل: يريد: (في تابوت). أي: في صدره.
فصل:
قوله: (فتمطيت كراهية أن يرى أني كنت أتقيه). وذكره nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال بلفظ: أبغيه. بالغين المعجمة، ثم قال: التمطي: التمدد أي: تمددت، فظهر استيقاظه حينئذ، (أرتقبه): أرصده، قال الخليل: يقال: بغيت الشيء أبغيه: إذا نظرت إليه ورصدته.
وإنما فعل nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ذلك ليري رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان نائما، وأنه لم يرصده; إذ كل أحد إذا خلا في بيته قد يأتي من الأفعال ما يحب ألا يطلع عليه أحد، وإنما حمل nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس على ذلك الحرص على التعليم ومعرفة حركاته - عليه السلام - في ليله، وقد أسلفنا في الصلاة أن nindex.php?page=showalam&ids=18العباس والده كان أوصاه بذلك.
[ ص: 216 ] وذكره ابن التين بلفظ: (أبقيه) كما أسلفناه بالقاف، وقال: قال أبو سليمان: أي: أرقبه وأنتظره، قال: يقال: أبقيت الشيء أبقيه بقيا. قال: وذكره الشيخ أبو الحسن في روايته بالغين من بغيت الشيء إذا طلبته.
في ألفاظ وقعت في الحديث الأول: شناق القربة ما تشد به من رباط أو سير أو خيط ونحوه، وقوله: (فتتامت)، قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: تقول (تأملت ورعيت). والعصب بفتح الصاد جمع عصبة، وهي: أطناب المفاصل.
فصل:
قوله في حديثه الثاني: (إذا قام من الليل يتهجد) أي: يصلي. هذا هو المراد، وقال ابن التين: أي: يسهر، وهو من الأضداد يقال: هجد وتهجد إذا نام، وهجد وتهجد إذا سهر. قاله الجوهري، وقال الهروي: تهجد إذا سهر وألقى الهجود -وهو النوم- عن نفسه، وهجد: نام. وقال النحاس: التهجد عند أهل اللغة: السهر، والهجود: النوم. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس الهاجد: النائم، والمتهجد: المصلي ليلا.