وترجم عليه فيما سيأتي باب: الدعاء بكثرة المال والولد مع البركة. ثم ترجم عليه: باب: الدعاء بكثرة الولد مع البركة.
فأما ما ترجم له فهو ظاهر خلا طول العمر; فلم يذكر فيه هنا وإن كان ورد، ويؤخذ أيضا من دعوته بكثرة الولد; لأنه لا يكون إلا في كثير من السنين، فدعاؤه له بكثرة الولد دعاء له بطول العمر، ويدخل أيضا في قوله: "وبارك له فيما أعطيته". والعمر مما أعطاه.
فأما كثرة ماله فكانت نخلة تطرح في السنة مرتين، وأما كثرة ولده فهو أحد الصحابة الذين لم يموتوا حتى رأى من صلبهم مائة ولد ذكر، وقد قال عن نفسه: أحصيت أنه دخل من بطني الأرض إلى مقدم الحجاج البصرة بضع وعشرون ومائة نسمة. وكان دخوله إياها سنة خمس وسبعين، وولد له بعد قدومه أولاد; ببركة دعائه - عليه السلام -.
وأما عمره فجاوز المائة كما سلف.
[ ص: 268 ] ودعا له (برابعة وهي المغفرة) وترجى له.
فإن قلت: فما معنى دعائه له بطول العمر وقد علم أن الآجال لا يزاد فيها ولا ينقص منها على ما كتب في بطن أمه؟ قيل: معناه - والله أعلم - أن الله تعالى يكتب أجل عبده إن أطاعه واتقاه كذا وإلا كان أقل منه. يوضحه قوله تعالى في قصة نوح حين قال لقومه: أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى [نوح: 3، 4]. أي قضى به لكم إذا أطعتم، فإن عصيتم لم يؤخركم إلى ذلك الأجل، وكل قد سبق في علمه مقدار آخره على ما يكون من فعله.
أفلا ترى أن من غضب الله عليه فقد تعرض لعقابه فإذا زال ذلك
[ ص: 269 ] الغضب بالصدقة زال العقاب، وكذلك الدعاء يرفع إلى الله فيوافق البلاء نازلا من السماء فيزيله ويصرفه، وكل ذلك قد جرى به القلم في علم الله أنه إن تصدق أو دعا صرف عنه غضب الله وبلاءه.
في هذا الحديث حجة لمن فضل الغنى على الفقر، وستكون لنا عودة إليها في كتاب الرقاق.