هذا الحديث يصدقه ما ذكره الله في كتابه من صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في
قوله: لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى قوله: رحيم [التوبة: 128] وهو - عليه السلام -، لا يسب أحدا ولا يؤذيه ظالما له، وإنما يفعل ذلك من الواجب في شريعته، وقد يدع الانتقام لنفسه لما جبله الله عليه من العفو وكرم الخلق. ومعنى هذا الحديث -والله أعلم- التأنيس للمسبوب; لئلا يستولي عليه الشيطان، ويقنطه، ويوقع بنفسه أن سيلحقه من ضرر سبه ما يحبط به عمله، إذ سبه دعاء على المسبوب، ودعاؤه مجاب، فسأل الله تعالى أن يجعل سبه للمؤمنين قربة عنده يوم القيامة، وصلاة ورحمة، ولا يجعله نقمة، ولا عذابا، وهذا مما خص به، فإنه كان يسب على جهة التأديب غير أنه لا يتجاوز، وربما كان (سبه) دعاء يستجاب له، فجعل عوضا من ذلك دعاؤه لمن دعا عليه ليكون الفضل إليه.