705 706 707 ص: وخالفهم في ذلك آخرون، وقالوا: ليس الغسل يوم الجمعة بواجب، ولكنه مما قد أمر به رسول الله -عليه السلام- لمعان قد كانت فمنها: ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في ذلك:
حدثنا فهد بن سليمان، قال: نا nindex.php?page=showalam&ids=15974ابن أبي مريم، قال: أنا nindex.php?page=showalam&ids=16379الدراوردي . ( ح. وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: نا nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي، قال: نا nindex.php?page=showalam&ids=16379الدراوردي، قال: حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16698عمرو بن أبي عمرو ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة، قال: سئل nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس -رضي الله عنه- عن الغسل يوم الجمعة؛ أواجب هو؟ قال: لا، ولكنه طهور وخير، فمن اغتسل فحسن، ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب. وسأخبركم (كيف) بدء الغسل: كان الناس مجهودين، يلبسون الصوف ويعملون على ظهورهم، وكان مسجدهم ضيقا مقارب السقف، إنما هو عريش، فخرج رسول الله -عليه السلام- في يوم حر وقد عرق الناس في ذلك الصوف، حتى ثارت رياح، حتى آذى بعضهم بعضا، فوجد رسول الله -عليه السلام- تلك الرياح، فقال: - - - - - - - - - ---أيها الناس--- - - - - - - - - - إذا كان هذا اليوم فاغتسلوا، وليمس أحدكم أمثل ما يجد من دهنه وطيبه، قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: ثم جاء الله بالخير، ولبسوا غير الصوف، وكفوا العمل ووسع مسجدهم". . .
فهذا nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يخبر أن ذلك الأمر الذي كان من رسول الله -عليه السلام- بالغسل لم يكن . للوجوب عليهم، وإنما كان لعلة ثم ذهبت تلك العلة فذهب الغسل، وهو أحد من روي عنه عن رسول الله -عليه السلام-: "أنه كان يأمر بالغسل".
[ ص: 461 ] ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم جمهور العلماء من التابعين وغيرهم، والأئمة الأربعة وأصحابهم؛ فإنهم قالوا: الغسل يوم الجمعة ليس بواجب، وإنما كان النبي -عليه السلام- أمر به لعلة، وقد زالت، فزال وجوب الغسل معها. وقد بينها nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس -رضي الله عنهما- في حديثه المذكور، وقد علم أن الحكم ينتهي بانتهاء علته.
قوله: "فمنها" أي: فمن تلك المعاني، ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس -رضي الله عنهما-، وأخرجه من طريقين صحيحين:
الأول: عن فهد بن سليمان النحاس ، عن سعيد بن الحكم المعروف بابن أبي مريم شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في "الصحيح"، عن nindex.php?page=showalam&ids=16379عبد العزيز بن محمد الدراوردي نسبته إلى دراورد، بفتح الدال، قرية بخراسان، عن عمرو بن أبي عمرو ميسرة، بن عمار المدني .
الثاني: عن محمد بن خزيمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15020عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16379الدراوردي ... إلى آخره.
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود: عن nindex.php?page=showalam&ids=15020عبد الله بن مسلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16379الدراوردي ، عن عمرو - يعني ابن أبي عمرو - عن nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة: "أن ناسا من أهل العراق جاءوا فقالوا: يا nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، أترى الغسل يوم الجمعة واجبا؟ قال: لا، ولكنه أطهر وخير لمن اغتسل، ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب، وسأخبركم"... إلى آخره نحوه.
قوله: "طهور" أي: مطهر للبدن، وخير لمن اغتسل في الثواب.
قوله: "كيف بدء الغسل" أي: كيف كان ابتداؤه.
قوله: "مجهودين" من قولهم جهد الرجل فهو مجهود، إذا وجد مشقة.
[ ص: 462 ] قوله: "إنما هو عريش" العريش: كل ما يستظل به، والمراد أن سقفه كان من الجريد، والسعف.
قوله: "من دهنه" يتناول الزيت، ودهن السمسم، وغيرهما من الأدهان الطيبة، وكذلك الطيب: يتناول سائر أنواع الطيب، مثل المسك والعنبر، والعالية ونحوها.
قوله: "ثم جاء الله بالخير" إشارة إلى أن الله تعالى فتح الشام ومصر وعراق على أيدي الصحابة -رضي الله عنهم-، وكثرت أموالهم وخدمهم و: [حشمهم]، فغيروا اللبن، والبناء وغير ذلك.
وقد خبط nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم هنا تخبيطا عظيما لترويج مذهبه، فقال: وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فقد روي من طريقين:
أحدهما: من طريق محمد بن معاوية النيسابوري، وهو معروف بوضع الأحاديث والكذب.
والثاني: من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16698عمرو بن أبي عمرو ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة، وهو ضعيف لا يحتج به.
ثم لو صح من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16698عمرو بن أبي عمرو فليس فيه حجة لهم بل حجة لنا عليهم؛ لأنه ليس فيه من كلام النبي -عليه السلام- إلا الأمر بالغسل وإيجابه، وكل ما تعلقوا به في إسقاط وجوب الغسل فليس من كلامه -عليه السلام-، وإنما هو من كلام ابن عباس وظنه، ولا حجة في أحد دونه -عليه السلام-.
قلت: الطريق الذي أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود صحيح، وعمرو بن أبي عمرو احتجت به الجماعة، فلا التفات إلى تضعيف nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم إياه.
[ ص: 463 ] وقوله: "فليس فيه حجة لهم" كلام ساقط؛ لأن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس -رضي الله عنهما- لو لم يدر عدم وجوب الغسل يوم الجمعة لما قال: "لا"، حين سئل عنه. وكيف وقد روى عنه -عليه السلام-: أنه كان يأمر به، ولو لم يثبت عنده أن هذا الأمر كان لعلة، وأنها قد زالت فزال الوجوب، لما علل عدم الوجوب بما ذكره، ولا يظن في حق nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه عرف وجوب الغسل وحقيقته، ثم ترك وذهب إلى عدم الوجوب! وكيف وهو أعلم الناس بمواقف النصوص، وعللها ومواردها، وما يتعلق بأحكامها؟!.