762 763 ص: وقالوا: هذا الحديث غلط؛ لأنه حديث مختصر، اختصره أبو إسحاق ، من حديث طويل فأخطأ في اختصاره إياه، وذلك أن فهدا حدثنا، قال: أنا nindex.php?page=showalam&ids=12125أبو غسان ، قال: أنا nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير ، قال: نا nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق ، قال: أتيت nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود بن يزيد، وكان لي أخا وصديقا، فقلت له: يا أبا عمر، حدثني ما حدثتك nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين عن صلاة النبي -عليه السلام-، فقال: قالت: " nindex.php?page=hadith&LINKID=704412كان النبي -عليه السلام- ينام أول الليل ويحيي آخره، ثم إن كانت له
فهذا الأسود بن يزيد قد بان في حديثه لما ذكر - بطوله - أنه كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة، وأما قولها: "فإن كانت له حاجة قضاها، ثم نام قبل أن يمس ماء" فيحتمل أن يكون ذلك على الماء الذي يغتسل به لا على الوضوء.
ش: أي قال الجماعة الآخرون - في جواب الحديث الذي احتج به أهل المقالة الأولى -: هذا الحديث غلط؛ لأن أبا إسحاق عمرو بن عبد الله اختصر هذا الحديث من حديث طويل فأخطأ في اختصاره إياه، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=14721وأبو علي الطوسي: روى غير واحد عن nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: "أنه كان يتوضأ قبل أن ينام"، وهذا أصح من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق، قال: وكانوا يرون أن هذا غلط من nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق .
وبين nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ذلك بقوله: "وذلك أن فهدا ... " إلى آخره، فإن هذا الحديث لما ذكر بطوله من غير اختصار ظهر أنه كان إذا أراد أن ينام وهو جنب يتوضأ وضوء الصلاة، فيكون معنى قولها في الحديث المختصر: "ثم نام قبل أن يمس ماء" أي الماء الذي يغتسل به لا الماء الذي يتوضأ به.
واعلم أن الأئمة اختلفوا في حديث nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق عن nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود، فصححه قوم، وضعفه آخرون، فقال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود: حدثنا الحسين الواسطي: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون يقول: هذا الحديث وهم، يعني حديث nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق، وفي رواية ابن العبد عنه: ليس بالصحيح، وفي موضع آخر: وهم nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق في هذا الحديث.
وفي كتاب "العلل" لأبي حاتم: قال nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة: سمعت حديث nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق أن النبي -عليه السلام- كان ينام جنبا، ولكني أتقيه.
[ ص: 538 ] وقال مهنى: سألت nindex.php?page=showalam&ids=12251أبا عبد الله عنه، فقال: ليس صحيحا. قلت: ثم قال: لأن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة روى عن nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13857إبراهيم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: nindex.php?page=hadith&LINKID=677090 "أن النبي -عليه السلام- كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة". قلت: من قبل من جاء هذا الاختلاف؟ قال: من قبل nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق، قال مهنى: وسمعت nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون يقول: [جرمز] nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق في هذا الحديث.
قال: وسألت nindex.php?page=showalam&ids=12265أحمد بن صالح عن هذا الحديث فقال: لا يحل أن يروى.
قال أبو عبد الله: nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم يرويه مثل قصة nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق ليس عن nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود "الجنب يأكل".
وفي كتاب nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم: لو لم يخالف أبا إسحاق في هذا إلا nindex.php?page=showalam&ids=13857إبراهيم وحده لكان يكفي وإبراهيم كان أثبت وأعلم بالأسود، ثم وافق nindex.php?page=showalam&ids=13857إبراهيم عبد الرحمن، ووافقهما nindex.php?page=showalam&ids=12031أبو سلمة ، nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، ثم وافق ما صح من ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رواية nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، وما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، nindex.php?page=showalam&ids=56وعمار فتبين أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق إنما هو وهم، قيل: روى nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم ، عن عبد الله ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، عن النبي -عليه السلام-، مثل ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق عن nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود، قال: ورواية nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة مما لا يحتج به إلا أن يقول: سمعت، ولو قال في هذا: سمعت كانت تلك الأحاديث أقوى، ولقائل أن يقول: قد صرح جماعة من العلماء بسماعه من nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، وخرج له الشيخان في صحيحها أحاديث صرح في بعضها بسماعه منها، ولم يرمه أحد بالتدليس فيما علمنا حتى يتوقف في روايته إذا لم يبين سماعه، فلا يقدح هذا في حديثه، ويكون سنده على هذا صحيحا، لاسيما مع ما يذكر له من الشواهد.
وفي "المغني" nindex.php?page=showalam&ids=13439لابن قدامة: قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: خالف nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق الناس فلم يقل أحد : عن nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود مثل ما قال، فلو أحاله على غير nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود .
[ ص: 539 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في كتاب: "التمييز": ذكر الأحاديث التي نقلت على الغلط في متونها، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=12297أحمد بن يونس، نا nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير، نا nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق ... فذكره، قال: فهذه الرواية عن nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق [خاطئة]، وقد جاء nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي وعبد الرحمن بخلاف ذلك.
فيه نظر، من حيث أنه روى في "صحيحه" عن nindex.php?page=showalam&ids=17342يحيى بن يحيى nindex.php?page=showalam&ids=12297وأحمد بن يونس، قالا: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير فذكر حديث nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق دون قوله: "قبل أن يمس ماء"، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه عقب روايته هذا الحديث: قال nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان: ذكرت الحديث - يعني هذا - يوما فقال لي إسماعيل: شد هذا الحديث يا فتى بشيء.
وأما المصححون فقد قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني: يشبه أن يكون الخبران صحيحين؛ لأن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة -رضي الله عنها- قالت: ربما قدم الغسل، وربما أخره كما حكى ذلك غضيف ، وعبد الله بن أبي قيس، وغيرهما عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، وأن nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود حفظ ذلك عنها فحفظ nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق عنه تأخير الوضوء والغسل، وحفظ nindex.php?page=showalam&ids=13857إبراهيم وعبد الرحمن تقديم الوضوء على الغسل.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي: طعن الحفاظ في هذه اللفظة، يعني: "قبل أن يمس ماء" وتوهموها مأخوذة عن غير nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود، وأن أبا إسحاق ربما دلس، فرأوها من تدليساته، واحتجوا على ذلك برواية nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي وعبد الرحمن بن الأسود بخلاف رواية nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق، قال أبو بكر: وحديث nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق صحيح من جهة الرواية؛ وذلك أنه بين فيه سماعه من nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير عنه، والمدلس إذا بين سماعه ممن روى عنه، وكان ثقة فلا وجه لرده، ووجه الجمع بين الروايتين على وجه يحتمل، وقد جمع بينهما أبو العباس بن سريج فأحسن الجمع، وسئل عنه، وعن حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: "ينام أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم إذا توضأ"، فقال: الحكم لهما جميعا؛ أما حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فإنما أرادت أنه كان لا يمس ماء للغسل، وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: "أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم، إذا [ ص: 540 ] توضأ أحدكم فليرقد" مفسر ذكر فيه الوضوء، وبه نأخذ. انتهى.
ولو حمل على الاستحباب، والفعل على الجواز لكان حسنا إذ الفعل لا يدل على الوجوب بمجرده، ويمكن أن يكون الأمران جميعا وقعا، فالفعل لبيان الاستحباب، والترك لبيان الجواز، وقد أشار إلى هذا ابن قتيبة في كتاب "مختلف الحديث"، ولما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم مصححا له من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق قال: هذا لفظ يدل على مداومته -عليه السلام- لذلك، وهي أحدث الناس عهدا بمبيته ونومه، جنبا وطاهرا.
فإن قيل: إن هذا الحديث أخطأ فيه nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان؛ لأن زهيرا خالفه.
قلنا: بل أخطأ بلا شك من خطأ nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان بلا دليل، وسفيان أحفظ من nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير بلا شك. انتهى كلامه.
وفيه نظر من حيث أن زهيرا رواه كما رواه nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق فيما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في "التمييز"، ومن حيث أن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان لم يتفرد بل قد تابعه غير واحد، منهم nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة بن الحجاج - ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي - nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=17177وموسى بن عقبة ، nindex.php?page=showalam&ids=12428وإسماعيل بن أبي خالد - عند nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي - وسليمان بن مهران ، nindex.php?page=showalam&ids=11820وأبو الأحوص - عند nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه - وحمزة الزيات - ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في "الأوسط" - ثم قالوا: إنا وجدنا لحديث nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق شواهد ومتابعين، فممن تابعه: nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم ، وكريب، فيما ذكره أبو إسحاق الحربي في كتاب "العلل"، قال: وأحسن الوجوه في ذلك - إن صح حديث nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق فيما رواه ووافقه هؤلاء -: أن تكون nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أخبرت nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود أنه كان ربما توضأ، وربما أخر الوضوء والغسل حتى يصبح، فأخبر nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود nindex.php?page=showalam&ids=13857إبراهيم أنه كان يتوضأ، وأخبر أبا إسحاق أنه كان يؤخر الغسل، وقد حكى مثل ذلك غضيف ، وعبد الله بن أبي قيس ، ويحيى بن يعمر الصنابحي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، وهذا أحسن وجوهه، قال: ولم يزل المتفقهة من أصحاب الحديث تكلم في حديث nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق، يقولون: إنه حكى عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ما خالف ما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13857إبراهيم وعبد الرحمن، وقد وافق nindex.php?page=showalam&ids=13857إبراهيم
[ ص: 541 ] وعبد الرحمن على روايتهما: nindex.php?page=showalam&ids=12031أبو سلمة ، nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة ، وأبو عمر ، وذكوان، وقوى هذا القول رواية nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فيما سأل، وأبي سعيد ، nindex.php?page=showalam&ids=56وعمار ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر، nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة. انتهى كلامه.
وفيه نظر من حيث أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وعمارا nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة حديثهم موافق لما رواه nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق .
قال أبو عمر: احتج به أهل الكوفة على أن الجنب لا بأس أن ينام قبل أن يتوضأ، قالوا: معناه: أي لا يتوضأ؛ لأنه في ذلك وردت الرخصة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16101شريك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13857إبراهيم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: "إذا جامع الرجل ثم أراد أن يعود فلا بأس أن يؤخر الغسل".
وقال ابن الحصار في كتابه "تقريب المدارك على موطأ مالك": رواه عن
[ ص: 542 ] nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق أئمة عدول، وهذه رخصة، ورفق من الله تعالى لا ينبغي أن يطرح مثل هذا لأجل انفراد راوية العدل برواية لا تعارض رواية من روى عن nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود ذكر الوضوء، إذ قد يصح أن يفعل الأمرين في وقتين، والله أعلم.
ثم رجال حديث فهد رجال الصحيح، nindex.php?page=showalam&ids=12125وأبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي الكوفي شيخ البخاري ، nindex.php?page=showalam&ids=15932وزهير هو ابن معاوية بن [حديج] ، وأبو إسحاق عمرو .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=12297أحمد بن يونس، قال: نا nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير، قال: نا nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق .
ورواية nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي نحو رواية nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي، وقال الذهبي: إنما ترك nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم لمس الماء لأن الحفاظ طعنوا في هذه اللفظة، وتوهموها مأخوذة من غير nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود، وأن أبا إسحاق ربما دلس فرأوها من تدليساته.
قوله: "كان ينام أول الليل، ويحيي آخره" لما جاء في إحياء آخر الليل من الآثار والفضل، وأنه أسمع وأقرب للإجابة، ثم نومه بعد ذلك ليستريح من تعب القيام، وينشط لصلاة الصبح، والنوم بعد القيام آخر الليل مستحسن مذهب لكلل السهر، وذبول الجسم، وصفرة اللون بسببه، بخلاف إيصال السهر بالصباح، وقد يكون
[ ص: 543 ] فعل النبي -عليه السلام- هذا في الليالي الطوال.
قوله: "ثم إن كانت له حاجة" أرادت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بهذا الكلام الجماع، ولكنها ذكرته بالكناية للأدب.
قوله: "ثم ينام قبل أن يمس ماء" أرادت به الماء الذي يغتسل به لا الماء الذي يتوضأ.
فإن قيل: من أين قلت: إنها أرادت به الماء الذي يغتسل به؟ ولم لا يجوز أن تكون أرادت الماء الذي يتوضأ به؟
قلت: قالوا هذا حتى لا تتضاد الآثار؛ لأنه قد أخبر في هذا الحديث نفسه أنه إذا كان جنبا توضأ ثم نام، وكذلك الأحاديث الصحاح عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وغيرها أنه كان لا ينام إذا كان جنبا حتى يتوضأ وضوءه للصلاة.
أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي، فما وجه التوفيق بين الحديثين؟.
قلت: المراد بالجنب الذي لا تدخل الملائكة بيتا هو فيه هو الذي يجنب فلا يغتسل، ويتهاون به، ويتخذه عادة، وأما الجنب الذي لا يتخذ هذا عادة، ولا يترك الاغتسال إلى أن تفوته الصلاة لا يضر دخول الملائكة البيت؛ فإنه -عليه السلام- كان ينام وهو جنب، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: قوله: ولا جنب، ولا جبت بكسر الجيم وسكون الباء الموحدة، وبالتاء المثناة من فوق، وجنب تصحيف.
فإن كان هذا صحيحا فلا اعتراض حينئذ.
وقال الصغاني في "العباب": الجبت كلمة تقع على الصنم، والكاهن،
[ ص: 544 ] والساحر، ونحو ذلك. وقال ابن عرفة : كل ما عبد من دون الله فهو جبت، وقيل: الجبت والطاغوت: الكهنة والشياطين.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير: هي كلمة حبشية، وليست من محض العربية لاجتماع الجيم والتاء.
فإن قيل: فلم تمتنع الملائكة من البيت الذي فيه الجنب؟
قلت: لكون الجنب بعيدا عن التلاوة والعبادة، وهو متصف بالنجاسة الحكمية، والملائكة يكرهون ذلك، وأيضا المراد منه الملائكة غير الحفظة؛ لأن الحفظة لا يفارقون بني آدم جنبا وغيره، والله أعلم.