773 774 ص: وقد يحتمل أيضا أن يكون ما أراده أبو إسحاق في قوله: ولا يمس ماء يعني الغسل، فإن أبا حنيفة قد روي عنه من هذا شيء:
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12391إبراهيم بن مرزوق، قال: نا معاذ بن فضالة ، قال: نا nindex.php?page=showalam&ids=17300يحيى بن أيوب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=17177وموسى بن عقبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق الهمداني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود بن يزيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، أنها قالت: " nindex.php?page=hadith&LINKID=883786كان رسول الله -عليه السلام- يجامع، ثم يعود ولا يتوضأ، وينام ولا يغتسل" . فكان ما ذكر أنه -عليه السلام- لم يكن يفعله إذا جامع قبل نومه هو الغسل، فذلك لا ينفي الوضوء.
ش: إلى هنا حكم بضعف حديث nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق عن nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود، وبين ذلك بوجوه كثيرة، ثم أشار إلى تأويل حديثه - على تقدير تسليم صحته -: تحريره أن يقال:
[ ص: 551 ] سلمنا أن ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق عن nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود صحيح، ولكن تأويل قوله: "ولا يمس ماء" يعني لأجل الغسل لا لأجل الوضوء، وعدم مس الماء لأجل الغسل لا ينفي مسه لأجل الوضوء، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ما يقوي هذا التأويل، فعلى كلا التقديرين يثبت المدعى؛ وهو أن الجنب لا ينبغي له أن ينام إلا بعد أن يتوضأ.
وقد قيل: إن المراد به أنه كان في بعض الأوقات لا يمس ماء أصلا؛ لبيان الجواز، إذ لو واظب عليه لتوهم الوجوب.
ثم إسناد حديث nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة صحيح؛ لأن رجاله ثقات يحتج بهم، ولا يلتفت إلى كلام ابن حزم في تضعيفه هذا الخبر.
قوله: "يجامع" مفعوله محذوف، أي: يجامع أهله، وأراد بالمجامعة الوطء، على سبيل الكناية.
قوله: "ثم يعود" أي إلى الجماع مرة أخرى من غير تخلل بين الجماعين بوضوء، وهو معنى قوله ولا يتوضأ أي: بين الجماعين.
قوله: " وينام ولا يغتسل" أي على الفور، ولكن نومه قبل الاغتسال لا ينافي وضوءه قبل النوم، فيحمل على هذا حديث nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في قوله: "لا يمس ماء" يعني الغسل، وهو لا ينافي الوضوء.
فإن قيل: روى nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد: "إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود، فليتوضأ".
ورواه الأربعة أيضا ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة بزيادة: "وضوءه للصلاة"، ثم قال: هذه لفظة تفرد بها nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن عاصم، والتفرد من مثله مقبول عندهما، وهذا
[ ص: 552 ] يدل على أنه لا بد من الوضوء بين الجماعين، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة لا يدل على هذا.
قلت: هذا الأمر للندب عند الجمهور، والدليل عليه حديث الطواف على ما نذكره، فإذن لا تعارض بين الحديثين؛ لأن حديث nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة يبين الجواز، وحديث غيره يبين استحباب الوضوء بين الجماعين، وتعلقت الظاهرية بظاهر الأمر، وقالوا: إنه واجب، وبه قال ابن حبيب المالكي .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم في "المحلى": والوضوء فرض بين الجماعين، ثم قال: وبإيجاب الوضوء في ذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة ، وإبراهيم ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر بن عبد البر: ما أعلم أحدا من أهل العلم أوجبه إلا طائفة من أهل الظاهر، وأما سائر الفقهاء بالأمصار فلا يوجبونه، وأكثرهم يأمرون به، ويستحبونه.
قلت: في كلام كل واحد من nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم ، وأبي عمر نظر، أما كلام nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم فيعارضه ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16410ابن إدريس ، عن هشام ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: "أنه كان لا يرى بأسا أن يجامع الرجل امرأته، ثم يعود قبل أن يتوضأ، قال: وكان nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين يقول: لا أعلم بذلك بأسا".
وأما كلام أبي عمر فيرده ما حكاه النووي من أن ابن حبيب المالكي يرى بوجوب الوضوء بين الجماعين، على ما ذكرناه.
[ ص: 553 ] أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12118أبو عوانة في "صحيحه".
قلت: أجاب بعضهم بأن هذا كله مشروع جائز، فمن شاء أخذ بهذا، ومن شاء أخذ بالآخر، وأجاب بعضهم بأن المراد من قوله في رواية مسلم: "فليتوضأ" هو الوضوء اللغوي، والدليل عليه حديث nindex.php?page=showalam&ids=12 [ابن عمر] قال: قال رسول الله -عليه السلام-: nindex.php?page=hadith&LINKID=936604 "إذا أتى أحدكم أهله فأراد أن يعود فليغسل فرجه". وقال nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16513عبدة بن سليمان ، عن يحيى بن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع: "أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كان إذا أتى أهله ثم أراد أن يعود غسل وجهه وذراعيه".
قلت: فيه نظر لأن زيادة nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة "وضوءه للصلاة" تنافي هذا الكلام، وأيضا معنى قوله: "فليتوضأ" الوضوء المعهود؛ لأن المطلق ينصرف إلى الكامل، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر الصحيح أنه موقوف عليه، قاله nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
أما حديث الطواف فما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره، فقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري:
[ ص: 554 ] وجاء في صحيح الإسماعيلي: من حديث أبي يعلى ، عن أبي موسى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ: "قوة أربعين" وفي "الحلية" لأبي نعيم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: "أعطي قوة أربعين رجلا كل رجل من رجال أهل الجنة".
وزعم nindex.php?page=showalam&ids=15350المهلب أن دورانه -عليه السلام- هذا يحتمل أن يكون في يوم من القسمة ينتهي فيقرع في هذا اليوم لهن كلهن يجمعهن فيه، ثم يستأنف بعد ذلك.
وقيل: يحتمل أن يكون ذلك عند إقباله من سفر حيث لا قسمة تلزم، وقيل: يحتمل أن يكون ذلك بإذنهن أو بإذن صاحبة النوبة، هذا على قول من يرى أن القسم كان عليه واجبا، وأما من لا يوجبه فلا يحتاج إلى تأويل.
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي: أن الله خص نبيه -عليه السلام- في النكاح بأشياء، منها أنه أعطاه ساعة لا يكون لأزواجه فيها حق، يدخل فيها على جميع أزواجه فيفعل ما يريد بهن، ثم يدخل عند التي يكون الدور لها.
وفي "مسلم": عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن تلك الساعة كانت بعد العصر فلو اشتغل عنها لكانت بعد المغرب وغيره، والله أعلم.