1193 ص: واحتجوا على أهل المقالة الأولى في ذلك بما قد حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13529الحسين بن نصر ، [ ص: 572 ] قال: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17309يحيى بن حسان ، قال: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد بن زياد ، قال: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16654عمارة بن القعقاع ، قال: ثنا أبو زرعة بن عمرو بن جرير ، قال: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=657949 "كان رسول الله -عليه السلام- إذا نهض في الثانية استفتح ب الحمد لله رب العالمين ولم يسكت" .
قالوا: ففي هذا دليل أن بسم الله الرحمن الرحيم ليست من فاتحة الكتاب ، ولو كانت من فاتحة الكتاب لقرأ بها في الثانية كما قرأ فاتحة الكتاب، والذين يستحبون الجهر بها في الركعة الأولى لأنها عندهم من فاتحة الكتاب استحبوا ذلك أيضا في الثانية، فلما انتفى بحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا أن يكون النبي -عليه السلام- قرأ بها في الثانية، انتفى به أيضا أن يكون قرأ بها في الأولى، فعارض هذا الحديث حديث nindex.php?page=showalam&ids=17212نعيم بن المجمر ، وكان هذا أولى منه لاستقامة طريقه، وفضل صحة مجيئه على مجيء حديث nindex.php?page=showalam&ids=17211نعيم .
ش: أي احتج هؤلاء الآخرون الذين ذهبوا إلى ترك الجهر بالبسملة على أهل المقالة الأولى - وهم الذين ذهبوا إلى الجهر بها في ذلك أي فيما ذهبوا إليه من ترك الجهر - بحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، ودلالته على ذلك ظاهرة، وبينها بقوله: "قالوا: ففي هذا دليل..." إلى آخره.
وأخرجه عن nindex.php?page=showalam&ids=13529الحسين بن نصر بن المعارك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17309يحيى بن حسان بن حيان التنيسي البكري ، أبي زكرياء البصري ، سكن تنيس - بلدة بساحل مصر واليوم خراب - فنسب إليها، روى له الجماعة سوى nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه .
عن nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد بن زياد العبدي أبي عبيدة البصري ، روى له الجماعة.
عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة الضبي الكوفي، ابن أخي عبد الله بن شبرمة ، روى له الجماعة.
عن nindex.php?page=showalam&ids=12007أبي زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي ، روى له الجماعة، [ ص: 573 ] واسمه هرم ، وقيل: عبد الله ، وقيل: عبد الرحمن ، وقيل: عمرو ، وقيل: nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : وقال: حدثت عن nindex.php?page=showalam&ids=17309يحيى بن حسان ويونس المؤدب وغيرهما، قالوا: أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد بن زياد ، قال: حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16654عمارة بن القعقاع ... إلى آخره نحو رواية nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي سواء.
( قوله: فعارض هذا الحديث) أي حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الذي رواه عنه nindex.php?page=showalam&ids=12013أبو زرعة حديث nindex.php?page=showalam&ids=17212نعيم بن المجمر الذي رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة المذكور في أول الباب الذي احتج به أهل المقالة الأولى، وأشار بقوله: "وكان هذا أولى منه لاستقامة طريقه" إلى أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=17211نعيم معلول، وهو أن ذكر البسملة فيه مما تفرد به nindex.php?page=showalam&ids=17212نعيم بن المجمر من بين أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وهم ثمان مائة ما بين صاحب وتابع، ولا يثبت عن ثقة من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه حدث عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه -عليه السلام- كان يجهر بالبسملة في الصلاة، ألا ترى كيف أعرض صاحبا الصحيح عن ذكر البسملة في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=650761 "كان يكبر في كل صلاة من المكتوبة وغيرها..." الحديث.
فإن قيل: nindex.php?page=showalam&ids=17212نعيم بن المجمر ثقة والزيادة من الثقة مقبولة.
قلت: ليس ذلك مجمعا عليه بل فيه خلاف مشهور، فمنهم من يقبلها مطلقا، ومنهم من لا يقبلها، والصحيح التفصيل، وهو أنها تقبل في موضع دون موضع، فتقبل إذا كان الراوي الذي رواها ثقة حافظا ثبتا، والذي لم يذكرها مثله أو دونه في الثقة، كما قبل الناس زيادة nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس قوله: "من المسلمين" في صدقة الفطر واحتج بها أكثر العلماء، ومن حكم في ذلك حكما عاما فقد غلط، بل كل زيادة لها حكم يخصها، ففي موضع يجزم بصحتها كزيادة nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وفي موضع يغلب على الظن صحتها كزيادة سعد بن طارق في حديث: nindex.php?page=hadith&LINKID=63780 "جعلت لي الأرض مسجدا [ ص: 574 ] وجعلت تربتها لنا طهورا " .
وفي موضع نجزم بخطأ الزيادة كزيادة nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ومن وافقه قوله: "وإن كان مائعا فلا تقربوه"، وكزيادة عبد الله بن زياد - ذكر البسملة - في حديث: nindex.php?page=hadith&LINKID=657606 "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين" وإن كان nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ثقة وعبد الله بن زياد ضعيفا؛ فإن الثقة قد يغلط.
وفي موضع يغلب على الظن خطؤها كزيادة nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر في حديث ماعز الصلاة عليه.
رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في "صحيحه": وسئل: هل رواها غير nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ؟ فقال: لا.
وقد رواه أصحاب السنن الأربعة: عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر وقال فيه: "ولم يصل عليه" .
فقد اختلف على nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر في ذلك، والراوي عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر هو nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، وقد اختلف عليه أيضا، والصواب أنه قال: "ولم يصل عليه". وفي موضع يتوقف في الزيادة كما في أحاديث كثيرة، وزيادة nindex.php?page=showalam&ids=17212نعيم بن المجمر التسمية في هذا الحديث مما يتوقف فيه؛ بل يغلب على الظن ضعفه، وعلى تقدير صحتها فلا حجة فيها لمن قال بالجهر؛ لأنه قال: "فقرأ أو قال: بسم الله الرحمن الرحيم" وذلك أعم من قراءتها سرا، أو جهرا، أو إنما هو حجة على من لا يرى قراءتها.
فإن قيل: لو كان nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة أسر بالبسملة ثم جهر بالفاتحة لم يعبر عن ذلك nindex.php?page=showalam&ids=17211نعيم بعبارة واحدة متناولة للفاتحة والبسملة تناولا واحدا، ولقال: فأسر بالبسملة ثم جهر بالفاتحة، والصلاة كانت جهرية، بدليل تأمينه وتأمين المأمومين.
وجواب آخر عن هذا الحديث: أن قوله: "فقرأ أو قال" ليس بصريح أنه سمعها منه؛ إذ يجوز أن يكون nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة أخبر نعيما أنه قرأها سرا، ويجوز أن يكون سمعها منه في مخافتته لقربه منه، كما روى عنه من أنواع الاستفتاح وألفاظ الذكر في قيامه وقعوده وركوعه وسجوده، ولم يكن ذلك منه دليلا على الجهر.
وجواب آخر: أن التشبيه لا يقتضي أن يكون مثله من كل وجه، بل يكفي في غالب الأفعال، وذلك يتحقق في التكبير وغيره دون البسملة، فإن التكبير وغيره من أفعال الصلاة ثابت صحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وكان مقصوده الرد على من تركه، وأما التسمية ففي صحتها عنه نظر، فينصرف إلى الصحيح الثابت دون غيره، ومما يلزمهم على القول بالتشبيه من كل وجه أن يقولوا بالجهر بالتعوذ. لأن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي روى: أخبرنا ابن محمد الأسلمي ، عن ربيعة بن عثمان ، عن صالح بن أبي صالح : "أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة وهو يؤم الناس رافعا صوته في المكتوبة إذا فرغ من أم القرآن: ربنا إنا نعوذ بك من الشيطان الرجيم" ، فهلا أخذوا بهذا كما أخذوا بجهر البسملة.
أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في "صحيحه": عن nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14806العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ... فذكره.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14806العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن nindex.php?page=showalam&ids=14806العلاء بن عبد الرحمن .
وهذا الحديث ظاهر في أن البسملة ليست من الفاتحة ، وإلا لابتدأ بها؛ لأن هذا محل بيان واستقصاء لآيات السورة حتى إنه لم يخل منها بحرف، والحاجة إلى قراءة البسملة أمس ليرتفع الإشكال، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر - رحمه الله -: حديث nindex.php?page=showalam&ids=14806العلاء هذا قاطع تعلق المتنازعين، وهو نص لا يحتمل التأويل، ولا أعلم حديثا في سقوط البسملة أبين منه، واعترض بعض المتأخرين على هذا الحديث بأمرين.
أحدهما: لا (يعتبر) بكون هذا الحديث في "صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم " فإن nindex.php?page=showalam&ids=14806العلاء بن عبد الرحمن تكلم فيه nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين ، فقال: ليس حديثه بحجة، مضطرب الحديث، ليس بذاك، هو ضعيف. روي عنه هذه الألفاظ جميعا، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي : ليس بالقوي. وقد انفرد بهذا الحديث فلا يحتج به.
الثاني: قال: وعلى تقدير صحته فقد جاءت في بعض الروايات عنه ذكر التسمية.
قلت: هذا القائل حمله الجهل وفرط التعصب ورداءة الرأي والفكر. وعلى أنه ترك الحديث الصحيح وضعفه لكونه غير موافق لمذهبه، وقال: لا (يعتبر) بكونه في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم مع أنه قد رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=14806العلاء الأئمة الثقات الأثبات كمالك nindex.php?page=showalam&ids=16008وسفيان بن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج وشعيب وعبد العزيز الدراوردي وإسماعيل بن جعفر nindex.php?page=showalam&ids=13114ومحمد بن إسحاق والوليد بن كثير وغيرهم، والعلاء نفسه ثقة صدوق، وهذه الرواية مما انفرد بها عنه ابن سمعان وهو كذاب، ولم يخرجها أحد من أصحاب الكتب الستة، ولا في المصنفات المشهورة، ولا المسانيد المعروفة، وإنما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في "سننه" التي يروي فيها غرائب الحديث، وقال عمر بن عبد الواحد : سألت nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا عند أبي عن ابن سمعان فقال: كان كذابا. وقال nindex.php?page=showalam&ids=17320يحيى بن بكير : قال nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة فيه: فقد كذب علي وحدث عني بأحاديث لم أحدثه بها. وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : متروك الحديث. وسئل nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين عنه فقال: كان كذابا. وقيل: لابن إسحاق : إن ابن سمعان يقول: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا ، فقال: لا إله إلا الله أنا والله أكبر منه، ما رأيت nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا ولا سمعت منه. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : كان يروي عمن لم يره، ويحدث بما لم يسمع. وقال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود : متروك الحديث، وكان من الكذابين. وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : متروك.
[ ص: 578 ] وكيف يعل الحديث الصحيح الذي رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في "صحيحه" بالحديث الضعيف الذي رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن كذاب متروك لا شيء، وهلا جعلوا الحديث الصحيح علة للضعيف، ومخالفة أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الثقات الأثبات لنعيم ؛ موجبا لرده، إذ مقتضى العلم أن يعلل الحديث الضعيف بالحديث الصحيح، كما فعلنا نحن والله أعلم.