2073 2074 2075 ص: وليس في هذا الحديث دليل عندنا على أن لا سجود فيها; لأنه قد يحتمل أن يكون ترك النبي - عليه السلام - السجود فيها حينئذ; لأنه كان على غير وضوء، فلم يسجد لذلك، ويحتمل أن يكون تركه لأنه كان وقت لا يحل فيه السجود، ويحتمل أن يكون تركه لأن الحكم كان عنده في سجود التلاوة أن من شاء سجده ومن شاء تركه، ويحتمل أن يكون تركه لأنه لا سجود فيها.
[ ص: 478 ] فلما احتمل تركه السجود كل معنى من هذه المعاني لم يكن هذا الحديث بمعنى منها أولى من صاحبه إلا بدلالة تدل عليه من غيره، ولكنا نحتاج إلى أن نفتش ما بعد هذا الحديث من الأحاديث لنلتمس حكم هذه السورة، هل فيها سجود أم لا سجود فيها؟
فنظرنا في ذلك فإذا nindex.php?page=showalam&ids=12391إبراهيم بن مرزوق قد حدثنا، قال: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير، قال: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة (ح)
وحدثنا علي بن شيبة ، قال: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون، قال: أنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله: nindex.php?page=hadith&LINKID=651008أن النبي - عليه السلام - قرأ والنجم فلم يبق أحد إلا سجد فيها، إلا شيخ كبير أخذ كفا من تراب وقال: هذا يكفيني. قال عبد الله: فلقد رأيته بعد قتل كافرا".
ش: هذا جواب عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت الذي احتج به أهل المقالة الأولى، تقريره أن يقال: هذا الحديث لا يتم به الاستدلال على نفي السجدة في النجم; لأنه يحتمل أمورا:
الأول: يجوز أن يكون ترك النبي - عليه السلام - السجود فيها حينئذ لأنه كان على غير وضوء، ويبنى على هذا أن سجدة التلاوة ليست على الفور وإنما هي على التراخي، وينبني عليه أيضا أن الطهارة شرط لسجدة التلاوة، وهو مذهب جمهور العلماء; فإنهم اشترطوا الطهارة لها من الأحداث والأنجاس بدنا ومكانا وثيابا وستر العورة واستقبال القبلة، وأن كل ما يفسد الصلاة يفسدها.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم وطائفة: لا يشترط لها الطهارة. وقد ذكرناه عن قريب.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يسجد على غير وضوء.
[ ص: 479 ] وفي "المصنف" : عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: "في الرجل يسمع السجدة وهو على غير وضوء، قال: لا سجود عليه".
وعن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : "في الرجل يقرأ السجدة وهو على غير وضوء قال: يسجد حيث كان وجهه".
وعن nindex.php?page=showalam&ids=13857إبراهيم : "إن لم يكن عنده ماء تيمم وسجد".
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال: فإن ذهب nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إلى الاحتجاج بقول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس: "سجد معه - عليه السلام - المشركون" فلا حجة فيه; لأن سجود المشركين لم يكن على وجه العبادة لله والتعظيم له، وإنما كان لما قيل في الحديث الضعيف أنه ذكر آلهتهم، ولا يستنبط من سجودهم جواز السجود على غير وضوء لأن المشرك نجس لا وضوء له إلا بعد إسلامه.
الثاني: يجوز أن يكون ترك السجود حينئذ لكون الوقت وقت كراهة لا يحل فيه السجود، ويبنى على هذا كراهة السجود للتلاوة في الأوقات الثلاثة التي ورد النهي عن الصلاة فيها وهي طلوع الشمس وغروبها واستواؤها في كبد السماء، حتى لو تلاها في وقت غير مكروه فأداها في الوقت المكروه لا يجوز.
الثالث: يجوز أن يكون تركه لكون الحكم فيها عنده على التخيير على معنى أن من شاء سجد ومن شاء ترك، ويبنى على هذا أن سجدة التلاوة ليست بواجبة، واختلف العلماء في هذا الباب، فذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة إلى وجوبها على التالي والسامع سواء قصد سماع القرآن أو لم يقصد; لقوله تعالى: فاسجدوا لله واعبدوا
[ ص: 480 ] وقوله: واسجد واقترب ولدلائل أخرى ذكرت في موضعها. وذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي وداود إلى أنها سنة.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك كقول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، وعنه فضيلة.
الرابع: يجوز أن يكون إنما تركه لكون أنها لا سجود فيها كما ذهبت إليه أهل المقالة الأولى.
فلما وجد ها هنا أربع احتمالات وليس أحدها أولى من الآخر إلا بدليل يوجب ترجيحه على غيره، احتجنا في ذلك إلى أن نلتمس حديثا آخر يؤخذ منه حكم هذه السورة هل فيها سجدة للتلاوة أم لا؟
فنظرنا في ذلك، فرأينا nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قد روى حديثا يدل على أن فيها سجدة، فرجح هذا الحديث الاحتمالين الأولين، فوجب العمل بالحديثين، فبحديث عبد الله وجوب السجدة في هذه السورة، وبحديث nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت تركها عند عدم الوضوء إلى وقت الوضوء، وعند الوقت المكروه إلى وقت غير مكروه.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي: وتأول بعض أهل العلم هذا الحديث وقال: إنما ترك النبي - عليه السلام - السجود لأن nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت حين قرأ فلم يسجد فلم يسجد النبي - عليه السلام -.
وقالوا: السجدة واجبة على من سمعها ولم يرخصوا في تركها.
وقالوا: إن سمع الرجل وهو على غير وضوء فإذا توضأ سجد، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان وأهل الكوفة وبه يقول إسحاق .
وقال بعض أهل العلم: إنما السجدة على من أراد أن يسجد فيها والتمس فضلها، ورخصوا في تركها.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري في "تهذيب الآثار": هذا الحديث محمول على أن زيدا القارئ لم يسجد، وجماعة من العلماء عندهم إذا لم يسجد القارئ لا يسجد المستمع، بيان ذلك
ثم إنه أخرج حديث nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود من طريقين صحيحين:
الأول: عن nindex.php?page=showalam&ids=12391إبراهيم بن مرزوق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود بن يزيد النخعي ، عن عبد الله .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : نا nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، ومحمد بن بشار، قالا: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16936محمد بن جعفر، قال: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ... إلى آخره نحوه.
الثاني: عن علي بن شيبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق ... إلى آخره.
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود : ثنا حفص بن عمر، نا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق ، عن
قوله: "إلا شيخ" قيل: هو أمية بن خلف، وقيل: هو الوليد بن المغيرة، وقيل: هو عتبة بن ربيعة، وقيل: هو أبو أحيحة سعيد بن العاص، والأول أصح، وهو الذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في "التفسير"، وأما قول ابن بزيزة: "كان منافقا" ففيه نظر; لأن السورة مكية وإنما كان المنافقون بالمدينة، قال أبو العباس الضرير في "مقامات التنزيل": إنها مكية بالإجماع.
فإن قيل: من المراد من قوله: "وسجد من معه"؟
قلت: المسلمون والمشركون جميعا.
لأنه جاء في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: "سجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس".
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض أيضا: وأما ما يرويه الإخباريون والمفسرون أن سبب ذلك ما جرى على لسان النبي - عليه السلام - من ذكر الثناء على آلهة المشركين في سورة النجم فباطل لا يصح فيها شيء لا من طريق النقل ولا من طريق العقل; لأن مدح آلهة غير الله كفر، ولا يصح أن ينزل على النبي - عليه السلام - من الله كفر، ولا أن يقول النبي - عليه السلام - من قبل نفسه مداراة لهم، ولا أن يقوله الشيطان على لسانه; إذ لا يصح أن يقول - عليه السلام - شيئا خلاف ما هو عليه فكيف من طريق القرآن، وما هو كفر لا يسلط الشيطان على ذلك; لأنه داعية إلى الشك في المعجزة وصدق النبي - عليه السلام -، وكل هذا لا يصح.