2391 [ ص: 316 ] ص: وكان من الحجة لهم في ذلك على أهل المقالة الأولى فيما احتجوا به عليهم من الحديثين اللذين ذكرناهما في أول هذا الباب: أن nindex.php?page=showalam&ids=13857ابن أبي داود قد حدثنا، قال: ثنا أبو عمر الحوضي، قال: ثنا مرجى بن رجاء، قال: ثنا داود ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنه - قالت: nindex.php?page=hadith&LINKID=104605 "أول ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فلما قدم رسول الله - عليه السلام - إلى المدينة صلى إلى كل صلاة مثلها إلا المغرب فإنها وتر النهار، وصلاة الصبح لطول قراءتها، وكان إذا سافر عاد إلى صلاته الأولى".
فهذه nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - تخبر أن رسول الله - عليه السلام - كان يصلي ركعتين ركعتين حتى قدم المدينة فصلى إلى كل صلاة مثلها، وقد كان إذا سافر عاد إلى صلاته الأولى، فأخبرت أنه كان يصلي في سفره كما كان يصلي قبل أن يؤمر بتمام الصلاة وذلك ركعتان، فذلك خلاف حديث فهد الذي ذكرناه في الفصل الأول "أن رسول الله - عليه السلام - أتم الصلاة في السفر وقصر".
ش: أي وكان من الدليل والبرهان للآخرين فيما ذهبوا إليه على أهل المقالة الأولى في الذي احتجوا به على الآخرين من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وحديث يعلى بن منية: أن nindex.php?page=showalam&ids=13857إبراهيم بن أبي داود البرلسي قد حدثنا، قال: ثنا أبو عمر حفص بن عمر الحوضي شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبي داود، ونسبته إلى حوض محلة بالبصرة، عن مرجى بن رجاء اليشكري أبي رجاء البصري، فعن يحيى: ضعيف. وعن nindex.php?page=showalam&ids=12007أبي زرعة : ثقة. واستشهد له nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بحديث واحد في أكل التمر يوم العيد.
عن nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند أبي محمد البصري روى له الجماعة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري مستشهدا، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577عامر بن شراحيل الشعبي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق بن الأجدع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : من حديث داود ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة [ ص: 317 ] قالت: nindex.php?page=hadith&LINKID=3502579 "إن أول ما فرضت الصلاة ركعتين، فلما قدم نبي الله - عليه السلام - المدينة واطمأن زاد ركعتين غير المغرب ; لأنها وتر النهار وصلاة الغداة لطول قراءتها، وكان إذا سافر صلى صلاته الأولى".
وقال الذهبي في "مختصر سنن nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ": هو من رواية بكار بن عبد الله السيريني، وهو واه. انتهى.
قلت: طريق nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي جيد حسن.
فإن قيل: كيف يكون جيدا وقد ضعف يحيى مرجى بن رجاء .
قلنا: فقد وثقه nindex.php?page=showalam&ids=12013أبو زرعة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود : صالح. واستشهد له nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وبهذا تثبت الجودة nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن لحديثه، وهذا القدر كاف في الاحتجاج به.
قوله: "أول ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين" قيل: معناه أي أول ما قدرت قدرت ركعتين، ثم تركت صلاة السفر على هيئتها في المقدار لا في الإيجاب، والفرض في اللغة بمعنى التقدير.
وقال أبو إسحاق الحربي: إن الصلاة قبل الإسراء كانت صلاة قبل غروب الشمس وصلاة قبل طلوعها، ويشهد له قوله سبحانه: وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار وقال nindex.php?page=showalam&ids=17317يحيى بن سلام مثله.
[ ص: 318 ] وقد كان الإسراء وفرض الصلوات الخمس قبل الهجرة بعام، فعلى هذا يحمل قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومن معه: "وزيد في صلاة الحضر" أي زيد فيها حتى تكملت خمسا، فتكون الزيادة في الركعات وفي عدد الصلوات، ويكون قولها: "فرضت الصلاة ركعتين" أي قبل الإسراء.
وقد قال بهذا طائفة من السلف منهم nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وقال بعضهم: لم يوجد هذا في أثر صحيح.
وقال بعضهم: يجوز أن يكون معنى "فرضت الصلاة" أي ليلة الإسراء حين فرضت الصلوات الخمس فرضت ركعتين ركعتين، ثم زيد في صلاة الحضر بعد ذلك كما تشير إليه رواية nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي هذه، وممن قاله هكذا: nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي فقالا: إن الزيادة في صلاة الحضر كانت بعد الهجرة بعام أو نحوه. وقد قيل: فرضت الصلاة ركعتين يعني إن اختار المسافر أن يكون فرضه ركعتين فله ذلك، وإن اختار أربعا فله ذلك.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عن نفسها وليست برواية عن رسول الله - عليه السلام - ولا حكايته عن قوله - عليه السلام - وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مثل ذلك عن قوله، فيحتمل أن يكون الأمر في ذلك كما قالاه ; لأنهما عالمان فقيهان قد شهدا زمان رسول الله - عليه السلام - وصحباه، وإن لم يكونا شهدا أول زمان الشريعة وقت فرض الصلاة على النبي - عليه السلام - فإن الصلاة فرضت عليه بمكة، ولم تلق nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - رسول الله - عليه السلام - إلا بالمدينة، ولم يكن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - في ذلك الزمان من يعقل الأمور ويعرف حقائقها، ولا يبعد أن يكون قد أخذ هذا الكلام عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فإنه قد يفعل ذلك كثيرا في حديثه، وإذا فتشت عن أكثر ما يرويه كان ذلك سماعا من الصحابة - رضي الله عنهم -، وإذا كان كذلك فإن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة نفسها قد ثبت عنها أنها كانت تتم في السفر فتصلي أربعا.
[ ص: 319 ] وقال النووي -رحمه الله-: معنى فرضت الصلاة ركعتين لمن أراد الاقتصار عليهما، فزيد في صلاة الحضر ركعتان على سبيل التحتيم وأقرت صلاة السفر على جواز الاقتصار وثبتت دلائل جواز الإتمام فوجب المصير إليها والجمع بين دلائل الشرع، ثم ذكر تتميم nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة الصلاة في السفر، وكذلك nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ، وقول nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة : إنها تأولت كما تأول nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان - رضي الله عنه -.
وقال: اختلف العلماء في تأويلهما، فالصحيح الذي عليه المحققون أنهما رأيا القصر جائزا والإتمام جائزا فأخذا بأحد الجائزين وهو الإتمام.
وقيل: لأن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان - رضي الله عنه - إمام المؤمنين nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة أمهم فكأنهما في منازلهما.
وأبطله المحققون بأن النبي - عليه السلام - كان أولى بذلك منهما وكذلك nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر - رضي الله عنهما -.
وقيل: لأن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان تأهل مكة، وأبطل بأن النبي - عليه السلام - سافر بأزواجه وقصر، وفيه نظر.
وقيل: فعل ذلك من أجل الأعراب الذين حضروا معه لئلا يظنوا أن فرض الصلاة ركعتان ابتداءا حضرا وسفرا.
وأبطلوه بأن هذا المعنى كان موجودا في زمن النبي - عليه السلام - بل اشتهر أمر الصلاة في زمن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان أكثر مما كان.
وقيل: لأن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان نوى الإقامة بمكة بعد الحج.
وأبطلوه بأن الإقامة بمكة حرام على المهاجر فوق ثلاث.
وقيل: كان nindex.php?page=showalam&ids=7لعثمان أرض بمنى.
وأبطلوه بأن ذلك لا يقتضي الإتمام والإقامة.
وقال أبو عمر : قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها -: " فرضت الصلاة ركعتين ركعتين" قول ظاهر العموم والمراد به الخصوص، ألا ترى أن المغرب غير داخلة في قوله:
[ ص: 320 ] "فرضت الصلاة ركعتين ركعتين"، وكذلك الصبح ; لأنه معلوم أن الصبح لم يزد فيها ولم ينقص منها وأنها في الحضر والسفر سواء.
قوله: "فهذه nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة تخبر. . . " إلى آخره، أراد أن الذي يفهم من كلام nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أن الأصل في الصلاة هو ركعتان وأنه هو كان عزيمة، وأن الرجل إذا سافر يأخذ بتلك العزيمة ويرى القصر عزيمة كما كان في الأصل، ألا ترى كيف تقول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : "وقد كان - عليه السلام - إذا سافر عاد إلى صلاته الأولى" يعني عاد إلى تلك العزيمة، فأخبرت أنه - عليه السلام - كان يصلي في حالة السفر كما كان يصلي قبل أن يؤمر بإتمام الصلاة وهي ركعتان.
قوله: "فذلك خلاف حديث فهد" أي ما روته nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة خلاف ما رواه فهد ، عن الحسن بن بشر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15265المعافى بن عمران ، عن مغيرة بن زياد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، أراد أن بين حديثي nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة تخالفا وتضادا، ولم يذكر nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي وجه التوفيق بينهما ولا وجه ترجيح أحدهما على الآخر، فنقول: إن حديث فهد لا يساوي حديث nindex.php?page=showalam&ids=13857ابن أبي داود هذا ; لأن في حديث فهد nindex.php?page=showalam&ids=15291المغيرة بن زياد ; وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=12013أبو زرعة nindex.php?page=showalam&ids=11970وأبو حاتم : شيخ لا يحتج بحديثه. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : مضطرب الحديث.
فإن قيل: ففي حديث nindex.php?page=showalam&ids=13857ابن أبي داود مرجى بن رجاء وهو أيضا ضعيف عند قوم.
قلت: هو فوق nindex.php?page=showalam&ids=15291المغيرة بن زياد ولهذا استشهد به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري كما ذكرناه، ولئن سلمنا أنهما متساويان أو أن المغيرة فوق مرجى بن رجاء، أو أن حديث فهد أصح من حديث nindex.php?page=showalam&ids=13857ابن أبي داود، ولكن معناه قصر في الفعل وأتم في الحكم، كقول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - في صلاة السفر: "ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم - عليه السلام -" فافهم.