ش: بيان احتجاج أهل المقالة الأولى بالآية الكريمة المذكورة في حديث يعلى بن منية هو أن قوله تعالى: فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة دليل الرخصة ; لأن لفظة: "لا جناح" تستعمل في المباحات والرخص دون الفرائض والعزائم، وذلك كما في قوله تعالى: فلا جناح عليهما أن يتراجعا فإن ذلك أيضا على التوسعة والإباحة في المراجعة لا على الإيجاب واللزوم.
وأشار إلى الجواب عن ذلك بقوله: "فكان من حجتنا عليهم" أي على أهل المقالة الأولى لأهل المقالة الثانية، وتقريره أن يقال: لا نسلم أن لفظة: "لا جناح" تستعمل في المباحات دائما، وإنما هي تستعمل في الإباحة، وتستعمل في الإيجاب أيضا كما في قوله تعالى: فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما فإن ذلك على الحتم والإيجاب عند جميع العلماء ; لأنه ليس [ ص: 322 ] لأحد ممن يحج أو يعتمر أن يترك الطواف بهما، فإذا كان قوله: "لا جناح" دائرا بين الإيجاب ونفيه ; لم يكن لأحد أن يحمل معناه على الوجوب أو على عدم الوجوب إلا بدليل يدل عليه من الكتاب أو السنة أو الإجماع، فنظرنا في ذلك ; فوجدنا الآثار والأحاديث قد تواترت وتكاثرت بأنه - عليه السلام - قد قصر الصلاة في أسفاره ; فباتت قرينة على أن نفي الجناح في الآية المذكورة على الإيجاب.