ش: أي احتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - .
وأخرجه بإسناد صحيح على شرط مسلم ورجاله كلهم رجال مسلم ، nindex.php?page=showalam&ids=16008وسفيان هو ابن عيينة ، nindex.php?page=showalam&ids=16270وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله القرشية المدنية ، وأمها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي أيضا .
قوله : "أو قيل له " شك من الراوي ، وفاعل قلت هو nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - . [ ص: 414 ] قوله : "هنيئا له " أي للصبي المذكور ، وانتصاب هنيئا على أنه اسم جار مجرى المصدر في انتصابه بعامل محذوف ، والمعنى : هنؤ له هنيئا ، يقال : هنؤ الطعام يهنؤ هناءة أي صار هنيئا ، وكذلك هنئ الطعام مثل فقه وفقه ، وكل أمر يأتيك من غير تعب فهو هنيء ، وقد يجيء انتصابه على الحال ، نحو قولك : هنيئا لك المال ، والتقدير : ثبت لك المال أو دام حال كونه هنيئا ، وعلى الصفة أيضا كما في قوله تعالى : كلوا واشربوا هنيئا أي أكلا هنيئا وشربا هنيئا .
قوله : "عصفور " خبر مبتدأ محذوف ، أي هو عصفور .
قوله : "أو غير ذلك " أي أو يكون غير ما ذكرت يا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، وأراد - عليه السلام - بذلك أن أحدا لا يجزم عليه بأنه من أهل الجنة وإن كان صغيرا لم يعمل سوءا قط إلا الأنبياء عليهم السلام ; فإنهم مقطوع لهم بالجنة ، وكذلك من شهد له النبي - عليه السلام - بالجنة .
فإن قيل : كيف يدل الحديث على ذلك وليس فيه أنه صلى عليه ؟
قلت : إنما جاءت الأنصار بصبيهم إلى النبي - عليه السلام - علما منهم أنه - عليه السلام - كان يصلي على الأطفال ، ولو كانوا علموا خلاف ذلك لما جاءوا به إليه ، وأيضا لو لم يصل عليه لبين ذلك في الحديث ; فإنهم جاءوا لأجل الصلاة ، فلو كان الطفل لا يصلى عليه لأعلمهم النبي - عليه السلام - بذلك .
قال أبو عمر : هذا يقتضي كل مولود لمسلم وغير مسلم ، ولحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أيضا قال : "سئل رسول الله - عليه السلام - عن الأطفال ، فقال : الله أعلم بما كانوا عاملين " . هكذا قال "الأطفال " لم يخص طفلا من طفل ، وإلى هذا ذهب جماعة كثيرة من أهل الفقه والحديث منهم : nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=15744وحماد بن سلمة nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه وأكثر أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، قال أبو عمر : وليس عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في ذلك شيء مخصوص .
وقالت طائفة : أطفال المسلمين في الجنة وأطفال الكفار في المشيئة ، وحجتهم حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وغيره عن النبي - عليه السلام - قال : "ما من المسلمين من يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهم الله وآباءهم الجنة بفضل رحمته ، يجاء بهم يوم القيامة فيقال لهم : ادخلوا الجنة ، فيقولون : حتى يدخل آباؤنا ، فيقال لهم : ادخلوا أنتم وآباؤكم بفضل رحمتي " .
وقالت طائفة : حكم الأطفال كلهم كحكم آبائهم في الدنيا والآخرة ، وهم مؤمنون بإيمان آبائهم وكافرون بكفر آبائهم ، فأولاد المسلمين في الجنة ، وأولاد الكفار في النار ، وحجتهم : حديث سلمة بن يزيد الجعفي قال : "أتيت النبي - عليه السلام - أنا وأختي ، فقلنا : يا رسول الله ، إن أمنا ماتت في الجاهلية وكانت تقري الضيف وتصل الرحم وتفعل وتفعل ، فهل ينفعنا من عملها شيء ؟ قال : لا ، قلنا : فإن أمنا وأدت أختا لنا في الجاهلية لم تبلغ الحنث فهل ذلك نافع أختنا ؟ فقال رسول الله - عليه السلام - : أرأيتم الوائدة والموءودة فإنهما في النار إلا أن تدرك الوائدة الإسلام فيغفر لها " . [ ص: 416 ] قال أبو عمر : هذا الحديث صحيح من جهة الإسناد ، إلا أنه يحتمل أن يكون خرج على جواب السائل في غير مقصوده ، فكانت الإشارة إليها ، والله أعلم .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في حديث رجاء العطاردي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة بن جندب ، عن النبي - عليه السلام - الحديث الطويل حديث الرؤيا .
وقالت طائفة : يمتحنون في الآخرة ، وحجتهم حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - عليه السلام - في الهالك في الفترة ، والمعتوه ، والمولود ، قال : يقول الهالك في [ ص: 417 ] الفترة : لم يأت كتاب ولا رسول ثم تلى ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا الآية ، ويقول المعتوه : رب لم تجعل لي عقلا أعقل به خيرا ولا شرا ، ويقول : المولود : رب لم أدرك العقل ، فترفع لهم نار فيقال : ردوها وادخلوها قال : فيردها أو يدخلها من كان في علم الله سعيدا لو أدرك العمل ، ويمسك عنها من كان في علم الله شقيا لو أدرك العمل ، قال : فيقول الله : إياي عصيتم فكيف رسلي لو أتتكم ؟ . ذكره ابن سنجر . قال أبو عمر : من الناس من يوقف هذا الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ولا يرفعه ، منهم : أبو نعيم الملائي . وقال السمرقندي في "أصوله " : مذهب أهل السنة : أن الله تعالى لا يعذب في الآخرة أحدا بلا ذنب صدر منه ، فلا يلحق صبيان الكفار بهم خلافا للخوارج ، وأما في إدخالهم الجنة أو كونهم من أهل الأعراف ، أو أنهم صاروا خدم أهل الجنة فاختلف العلماء فيه ، وكذا اختلفوا في دخول الجن في الجنة ، والأصح أنهم يدخلون الجنة ولكن درجاتهم دون درجات بني آدم في الجنة ، وهو اختيار nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : إن الله تعالى ، قال في الجن : ويجركم من عذاب أليم ولم يذكر دخولهم في الجنة صريحا فيوقف فيه ، قلت : وكذا توقف في أطفال المشركين ، وهذا من غاية ورعه ومتانة دينه ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه قال : ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم ، أنا جرير بن جارية ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12004أبي رجاء العطاردي ، قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول : "لا يزال أمر هذه الأمة مواتيا أو مقاربا أو كلمة تشبه هاتين حتى يتكلموا أو ينظروا في الأطفال والقدر " .
فإن قيل : قوله - عليه السلام - : "كل مولود يولد على الفطرة " يدل بعمومه على أن أطفال المشركين أيضا على الفطرة ، وأنهم إذا ماتوا ما لم يبلغوا الحنث يكونون مع المسلمين في الجنة . [ ص: 418 ] قلت : قد اختلف العلماء في ذلك وفي معنى الفطرة .
فقالت طائفة : ليس هذا الكلام عاما ، والمعنى في ذلك أن كل من ولد على الفطرة وكان أبواه على غير دين الإسلام ، هوداه أو نصراه أو مجساه ، وليس المعنى أن جميع المولودين من بني آدم أجمعين مولودون على الفطرة ولكن المولود على الفطرة بين الأبوين الكافرين يكفرانه ، وكذلك من لم يولد على الفطرة وكان أبواه مؤمنين يحكم له بحكمهم في صغره ، إن كانا يهوديين فهو يهودي ، يرثهما ويرثانه ، وكذلك لو كانا نصرانيين أو مجوسيين حتى يعبر عنه لسانه ويبلغ الحنث ، فيكون له حكم نفسه حينئذ لا حكم أبويه ، واحتجوا في ذلك بحديث nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب - رضي الله عنه - عن النبي - عليه السلام - : nindex.php?page=hadith&LINKID=676005 "الغلام الذي قتله الخضر - عليه السلام - طبعه الله يوم طبعه كافرا " .
ففي هذين دلالة على أن قوله : "كل مولود " ليس على العموم وأن المعنى فيه : كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يهوديان أو نصرانيان ; فإنهما يهودانه وينصرانه ، ثم يصير عند بلوغه إلى ما يحكم به عليه ، ودفعوا رواية من روى : "كل بني آدم يولد على الفطرة " . قالوا : ولو صح هذا اللفظ ما كان فيه حجة أيضا ; لأن الخصوص يجوز دخوله على هذا اللفظ وذلك كما في قوله تعالى : تدمر كل شيء ولم تدمر ، وقوله : فتحنا عليهم أبواب كل شيء ولم تفتح عليهم أبواب الرحمة ، ومثل هذا كثير . [ ص: 419 ] وقال آخرون : المعنى في ذلك كل مولود من بني آدم فهو يولد على الفطرة أبدا ، وأبواه يحكم له بحكمهما ، إن كان قد ولد على الفطرة حتى يكون ممن يعبر عنه لسانه ، يدل على ذلك رواية من روى : nindex.php?page=hadith&LINKID=885960 "كل بني آدم يولد على الفطرة " وحق الكلام أن يجري على عمومه . وأجابوا عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور بجوابين :
الأول : أنه ضعيف معلول بعلي بن زيد بن جدعان .
الثاني : لا معارضة بينه وبين معنى العموم في هذا الحديث ; لأن من ولد مؤمنا وعاش عليه ومات عليه وكذا عكسه وما أشبهه كله راجع إلى علم الله تعالى ، فإنه قد يولد الولد بين مؤمنين والعياذ بالله يكون سبق في علم الله غير ذلك ، وكذا من ولد بين كافرين ، وإلى هذا أيضا يرجع غلام الخضر - عليه السلام - ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة : "أن الغلام الذي قتله الخضر كان رجلا ، وكان قاطع طريق " ، والدليل عليه حديث nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن محمد بن عبد الله بن نوفل ، عن عبد المطلب بن ربيعة ، قال : "اجتمعت أنا والفضل بن عباس ونحن غلامان شابان قد بلغنا في ذكره من كراهية الصدقة لبني هاشم " ورد هذا بأنه كلام خارج عن العرف والمجاز وقد سمى الله -عز وجل- الإنسان الذي قتله الخضر غلاما ، فالغلام عند أهل اللغة هو الصبي ، يقع عليه عند بعضهم اسم غلام من حين يفطم إلى سبع سنين ، وعند بعضهم يسمى غلاما وهو رضيع إلى سبع سنين ، ثم يصير يافعا ويانعا إلى عشر سنين ، ثم يصير حزورا إلى خمس عشرة سنة ، وقد قال بعضهم : لم يقتله الخضر إلا وهو كافر ، قد كفر بعد إدراكه وبلوغه ، أو عمل عملا استوجب به القتل فقتله ، ورد هذا بأنه تخرص وظن لم يصح في الأثر ، ولا جاء به خبر ، ولا يعرفه أهل العلم ، ولا أهل اللغة ; فافهم .
ثم اختلف العلماء في معنى الفطرة ، فذكر nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن صاحب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة عن معنى الحديث فما أجابه بأكثر من أن قال : هذا القول من النبي - عليه السلام - قبل أن يؤمر الناس بالجهاد ، كأنه حاد عن الجواب إما إشكالا [ ص: 420 ] له أو لكراهة الخوض فيه ، وقوله : قبل أن يؤمر الناس بالجهاد غير جيد ; لأن في حديث الأسود بن سريع يبين أن ذلك كان بعد الجهاد ، وهو قوله ، قال رسول الله - عليه السلام - : "ما بال قوم بلغوا في القتل إلى الذرية ، إنه ليس مولود إلا وهو يولد على الفطرة ، فيعبر عنه لسانه " .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في "صحيحه " ولفظه : "ما من مولود يولد إلا على فطرة الإسلام حتى يعرب " .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم : يريد الفطرة التي يعتقدها أهل الإسلام حيث أخرج الخلق من صلب آدم - عليه السلام - فأقروا له بتلك الفطرة من الإسلام ، فنسب الفطرة إلى الإسلام عند الاعتقاد على سبيل المجاورة .
وقالت طائفة : الفطرة ها هنا الخلقة التي يخلق عليها المولود من المعرفة بربه ، فكأنه قال : كل مولود يولد على خلقة يعرف بها ربه -عز وجل- إذا كبر وبلغ مبلغ المعرفة ، يريد خلقة مخالفة لخلقة البهائم التي لا تصل بخلقتها إلى معرفة ذلك ، قالوا : لأن الفطرة : الخلقة ، والفاطر : الخالق ، وأنكروا أن يكون المولود يفطر على كفر أو إيمان أو معرفة أو إنكار ، قالوا : وإنما يولد المولود على السلامة في الأغلب خلقة وطبعا وبنية ، ليس فيها إيمان ولا كفر ولا إنكار ولا معرفة ثم يعتقدون الإيمان أو غيره إذا ميزوا .
واحتجوا بقوله في الحديث : "كما تنتج البهيمة جمعاء -يعني سالمة - هل تحسون فيها من جدعاء ؟ " يعني مقطوعة الأذن ، فمثل قلوب بني آدم بالبهائم لأنها تولد كاملة الخلق ليس فيها نقصان ثم تجدع بعد ذلك ، فكذا قلوب الأطفال في حين ولادتهم ليس بهم كفر حينئذ ولا إيمان ولا معرفة ولا إنكار ، مثل البهائم السالمة ، فلما بلغوا استهوتهم الشياطين فكفر أكثرهم إلا من عصمه الله تعالى ، قالوا : ولو كان [ ص: 421 ] الأطفال قد فطروا على الكفر أو الإيمان في أول أمرهم ما انتقلوا عنه أبدا ، فقد تجدهم مؤمنين ثم يكفرون ثم يؤمنون ، ويستحيل أن يكون الطفل في حين ولادته يعقل شيئا ; لأن الله تعالى أخرجهم في حال لا يفقهون معها شيئا ، فمن لا يعلم شيئا استحال منه كفر أو إيمان أو معرفة أو إنكار .
قال أبو عمر : هذا القول أصح ما قيل في معنى الفطرة هنا ، والله أعلم .
وقال الباقلاني : المراد أن كل مولود يولد في دار الإسلام فحكمه حكم الدار ، وأنه لاحق بكونه مولدا موجودا بأحكام المسلمين في تولي أمره ووجوب الصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين ومنعه من اعتقاد غير الإسلام إذا بلغ .
وقوله : "فأبواه يهودانه " يريد أنه إذا ولد على فراشهما لحق بأحكامهما في تحريم تولي أمره ولم يرد أنهما يجعلانه يهوديا ولا نصرانيا .
وقال القزاز في "جامعه " : قال بعض المفسرين في قوله : "كل مولود يولد على الفطرة " إنما قال : هذا قبل أن تنزل الفرائض ; لأنه لو كان يولد على الفطرة ثم مات أبواه قبل أن يهودانه أو ينصرانه لما كان يرثهما ويرثانه ، فلما نزلت الفرائض علم أنه يولد على دينهما .
وقالت طائفة : الفطرة هنا : الإسلام ، وهو المعروف عند السلف من أهل العلم بالتأويل ; فإنهم أجمعوا في قول الله -عز وجل- : فطرت الله التي فطر الناس عليها قالوا : هي دين الإسلام ; لأن الإسلام والإيمان : قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح ، وهذا معدوم في الطفل .
وقالت طائفة : معنى قوله : "على الفطرة " : على البدأة التي ابتدأهم عليها ، أي على ما فطر الله تعالى عليه خلقه من أنه ابتدأهم للحياة والموت والسعادة والشقاء وإلى ما يصيرون إليه عند البلوغ من قبولهم من آبائهم واعتقادهم فكأنه قال : كل [ ص: 422 ] مولود يولد على ما ابتدأه عليه ، قال محمد بن نصر : وقد كان nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد يذهب إلى هذا القول ثم تركه ، قال أبو عمر : مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك نحو هذا .
وقالت طائفة : معنى ذلك : أن الله تعالى قد فطرهم على الإنكار والمعرفة وعلى الكفر والإيمان ، فأخذ من ذرية آدم الميثاق حين خلقهم فقال : ألست بربكم فقالوا جميعا : بلى ، فأما أهل السعادة فقالوا : بلى على معرفة له طوعا من قلوبهم ، وأما أهل الشقاوة فقالوا : بلى كرها لا طوعا ، وتصديق ذلك قوله تعالى : وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإلى هذا ذهب ابن راهويه .
وقالت طائفة : معناها ما أخذه الله من الميثاق على الذرية ، فأقروا جميعا له تعالى بالربوبية عن معرفة منهم به ، ثم أخرجهم من أصلاب آبائهم مطبوعين على تلك المعرفة وذلك الإقرار .
وقالت طائفة : الفطرة ما يقلب الله قلوب الخلق إليه مما يريد ويشاء .
الثالث من الأحكام : فيه دليل على أن الجنة والنار مخلوقتان ; ردا لما قاله بعض المعتزلة أنهما لم يخلقا الآن وأن الله يخلقهما يوم القيامة .