قال nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر -رحمه الله- : فهذا الصدائي قد أمره رسول الله - عليه السلام - على قومه ومحال أن يكون أمره وبه زمانة ، ثم قد سأله من صدقة قومه وهي زكواتهم فأعطاه منها ، ولم
[ ص: 23 ] يمنعه منه لصحة بدنه ، ثم سأله الرجل الآخر بعد ذلك ، فقال له رسول الله - عليه السلام - : إن كنت من الأجزاء الذين جزأ الله الصدقة فيهم أعطيتك منها ، فرد رسول الله - عليه السلام - بذلك حكم الصدقات إلى ما ردها الله -عز وجل- بقوله : إنما الصدقات للفقراء والمساكين الآية . فكل من وقع عليه اسم صنف من تلك الأصناف فهو من أهل الصدقة الذين جعلها الله -عز وجل- لهم في كتابه ، ورسوله في سنته زمنا كان أو صحيحا ، وكان أولى الأشياء بنا في الآثار التي رويناها عن رسول الله - عليه السلام - في الفصل الأول من قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=662959 "لا تحل الصدقة لذي مرة سوي " ما حملناها عليه ; لئلا يخرج معناها من الآية المحكمة التي ذكرنا ، ولا من هذه الأحاديث الأخر التي روينا ، ويكون معنى ذلك كله معنى واحدا يصدق بعضه بعضا .
ش: ذكر حديث زياد بن الحارث الصدائي شاهدا لما ذكره من التأويل في الأحاديث التي احتجت بها أهل المقالة الأولى ، ولكونه موافقا في المعنى لحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري .
بيان ذلك : أن زياد بن الحارث كان ذا مرة سويا ولم تكن به زمانة ، وقد أمره رسول الله - عليه السلام - على قومه وجعل له من صدقاتهم شيئا ، فهذا أدل دليل على صحة التأويل المذكور .
[ ص: 24 ] حملوه عليه يخالف معناها معنى الآية الكريمة ومعنى الأحاديث الأخر ، فإذا حملتا على ما ذكرنا من التأويل تتفق معاني الكتاب والأحاديث كلها ، ويصدق بعضها بعضا ، أشار إلى ذلك كله بقوله : "وكان أولى الأشياء بنا . . . " إلى آخره .
قوله : "ومحال " . مرفوع ; لأنه خبر مبتدأ تقدم عليه ، وهو قوله : "أن يكون " ، "وأن " مصدرية تقديره : وكون تأمير النبي - عليه السلام - إياه والحال أن به زمانة محال .
ثم إنه أخرج حديث زياد بن الحارث عن nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى المصري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب المصري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13786عبد الرحمن بن زياد بن أنعم -بضم العين- الإفريقي قاضيها ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، وقال ابن خراش : متروك . وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : ليس بشيء . وعنه : منكر الحديث . قال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود : قلت لأحمد بن صالح : يحتج بحديث nindex.php?page=showalam&ids=13786الإفريقي ؟ قال : نعم . قلت : صحيح الكتاب ؟ قال : نعم . وقال nindex.php?page=showalam&ids=17383يعقوب بن شيبة : ثقة صدوق رجل صالح . روى له nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه .
وهو يروي عن زياد بن نعيم ، وهو زياد بن ربيعة بن نعيم بن ربيعة بن عمرو الحضرمي المصري ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14765العجلي : تابعي ثقة . روى له هؤلاء هذا الحديث الواحد .
عن زياد بن الحارث الصدائي الصحابي ، ونسبته إلى صداء -بضم الصاد وتخفيف الدال- وهو حي من اليمن .
[ ص: 26 ] شئت فخذ وإن شئت فدع . قلت : بل أدع ، قال : فدلني على رجل أوليه ، فدللته على رجل من الوفد فولاه ، قالوا : يا رسول الله إن لنا بئرا إذا كان الشتاء وسعنا ملؤها فاجتمعنا عليه ، وإذا كان الصيف قل وتفرقنا على مياه حولنا ، وإنا لا نستطيع اليوم أن نتفرق ، كل من حولنا عدو ، فادع الله يسعنا ماؤها ، فدعا بسبع حصيات ففركهن في كفيه ثم قال : إذا أتيتموها فألقوا واحدة واحدة واذكروا اسم الله ، فما استطاعوا أن ينظروا إلى قعرها بعد . انتهى .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : في قوله : "فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك " . دليل على أنه لا يجوز حكم جمع الصدقة كلها في صنف واحد ، وأن الواجب تفرقتها على أهل السهمان بحصصهم ، ولو كان في الآية بيان الجمل دون بيان الحصص لم يكن للتجزئة معنى ، ويدل على صحة ذلك قوله : "أعطيتك حقك " فبين أن لأهل كل جزء على حدة حقا . وإلى هذا ذهب nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي : إذا كان المال كثيرا يحتمل الأجزاء قسمه على الأصناف ، وإذا كان قليلا جاز أن يضع في صنف واحد .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : تفريقه أولى ، ويجزئه أن يجعله في صنف واحد .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور : إن قسمه الإمام قسمه على الأصناف الثمانية . وإن تولى قسمه رب المال فوضعه في صنف واحد رجوت أن يسعه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس : يجتهد ويتحرى موضع الحاجة منهم ويقدم الأولى فالأولى من أهل الفاقة والخلة ، فإن رأى الخلة في الفقراء في عام أكثر قدمهم ، وإن رآها في أبناء السبيل في عام آخر أكثر حولها إليهم .
وقال أصحاب الرأي : هو مخير يضعه في أي الأصناف شاء .
قلت : كذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح ، ويروى ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
[ ص: 27 ] روى nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري في تفسير قوله تعالى : إنما الصدقات للفقراء الآية : أنا عمران بن عيينة عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله تعالى : إنما الصدقات للفقراء والمساكين الآية ، قال : "في أي صنف وضعته أجزأك " .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في "مصنفه " عن nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16861ليث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أنه قال : " إنما الصدقات للفقراء الآية . قال : أيما صنف أعطيته من هذا أجزأك" .
وكذلك أخرج عن nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية nindex.php?page=showalam&ids=17188وميمون بن مهران بأسانيد صحيحة .
ولا نسلم صحة ما ادعاه nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ; لأن قوله - عليه السلام - : "فإن كنت من تلك الأجزاء . . . " الحديث . يبين أنه إن كان موصوفا بما وصف به أحد الأصناف الثمانية فإنه يستحق من الصدقات شيئا ; لأن الآية لبيان الأصناف التي يتعين الدفع إليهم دون غيرهم ، وليس فيها ما يقتضي حصرها عليهم جملة واحدة فافهم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي أيضا : إن في قوله : "إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها " دليلا على أن بيان الشريعة قد يقع من وجهين :
أحدهما : ما تولى الله بيانه في كتابه العزيز وأحكم فرضه فيه فليس به حاجة إلى زيادة من بيان النبي - عليه السلام - وبيان شهادة الأصول .
[ ص: 28 ] والوجه الآخر : ما ورد ذكره في الكتاب مجملا ووكل بيانه إلى النبي - عليه السلام - فهو يفسره قولا وفعلا أو يتركه على إجماله ليبينه فقهاء الأمة ويستدركوه استنباطا واعتبارا بدلائل الأصول ، وكل ذلك بيان مصدره عن الله تعالى وعن رسوله - عليه السلام - .