حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12391ابن مرزوق ، قال : ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16039سليمان بن حرب ، قال : ثنا حماد ، عن هارون بن رئاب ، عن كنانة بن نعيم العدوي ، عن قبيصة بن المخارق ، عن النبي - عليه السلام - نحوه .
فأباح رسول الله - عليه السلام - في هذا الحديث لذي الحاجة أن يسأل لحاجته حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش ، فدل ذلك أن الصدقة لا تحرم بالصحة إذا أراد بها الذي تصدق بها عليه سد فقره ، وأنها تحرم عليه إذا كان يريد بها غير ذلك من التكثر ونحوه ، ومن يريد بها ذلك فهو ممن يطلبها لسوى المعاني الثلاثة التي ذكرها رسول الله - عليه السلام - في حديث nindex.php?page=showalam&ids=16813قبيصة الذي ذكرنا ، فهي عليه سحت .
[ ص: 29 ] ش: أي : قد روى nindex.php?page=showalam&ids=16813قبيصة عن النبي - عليه السلام - ما قد دل على ما ذكرنا من التأويل في قوله - عليه السلام - : " لا تحل الصدقة لذي مرة سوي " ، وفي قوله - عليه السلام - : "ولا لقوي مكتسب " .
وأخرجه من ثلاث طرق :
الأول : موقوف ، إسناده صحيح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، عن هارون بن رئاب -بكسر الراء بعدها همزة وفي آخره باء موحدة - التميمي أبي الحسن البصري ، وثقه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وغيره ، وروى له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي .
عن كنانة بن نعيم العدوي أبي بكر البصري ، وثقه nindex.php?page=showalam&ids=14765العجلي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان ، وروى له هؤلاء المذكورون عن قبيصة [بن] المخارق الهلالي الصحابي رضي الله عنه .
الثاني : مرفوع بإسناد على شرط nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : عن nindex.php?page=showalam&ids=12391إبراهيم بن مرزوق ، عن سليمان بن حرب الواشحي شيخ البخاري وأبي داود ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، عن هارون . . . إلى آخره .
وروي أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، عن هارون .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17342يحيى بن يحيى nindex.php?page=showalam&ids=16818وقتيبة بن سعيد ، كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد -قال يحيى : أنا nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد - عن هارون بن رئاب ، قال : حدثني كنانة بن نعيم العدوي ، عن قبيصة بن مخارق الهلالي ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=658738 "تحملت حمالة ، فأتيت رسول الله - عليه السلام - أسأله فيها فقال : أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها . قال : ثم قال : يا nindex.php?page=showalam&ids=16813قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة : رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش -أو قال : سدادا من عيش- ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه : لقد أصابت فلانا فاقة ، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش -أو قال : سدادا من عيش- فما سواهن من المسألة يا nindex.php?page=showalam&ids=16813قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا " .
[ ص: 30 ] الثالث : أيضا مرفوع بإسناد صحيح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15551أبي بكرة بكار القاضي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15698الحجاج بن منهال الأنماطي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، عن هارون بن رئاب . . . إلى آخره .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود : عن nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، عن هارون بن رئاب . . . إلى آخره نحو رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة نحوه أيضا .
قوله : "رجل " مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره : الأول : رجل .
قوله : "تحمل حمالة " الحمالة -بفتح الحاء وتخفيف الميم - : هي المال الذي يتحمله الإنسان أي : يستدينه ويدفعه في إصلاح ذات البين ، كالإصلاح بين القبيلتين ونحو ذلك .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : الحمالة : الكفالة ، والحميل : الكفيل والضمين ، وتفسير الحمالة : أن يقع بين القوم التشاجر في الدماء والأموال ، وتجذب بسببه العداوة والشحناء ، ويخاف منها الفتن العظيمة ، فيتوسط الرجل بينهم ويسعى في إصلاح ذات البين ويضمن ما لأصحاب الدم أو المال يترضاهم بذلك حتى تسكن الثائرة وتعود بينهم الألفة .
فهذا رجل صنع معروفا وابتغى بما أتاه إصلاحا ، فليس من المعروف أن تورك الغرامة عليه في ماله ، ولكن يعان على أداء ما تحمله منه ، ويعطى من الصدقة قدر ما تبرأ به ذمته ويخرج عن عهدة ما تضمنه .
قوله : "ثم يمسك " عن السؤال .
[ ص: 31 ] قوله : "جائحة " بالجيم أولا ثم بالحاء المهملة ، وهي في غالب العرف ما ظهر أمره من الآفات كالسيل يغرق متاعه ، والنار تحرقه ، والبرد يفسد زرعه وثماره ، ونحو ذلك .
فإذا أصاب الرجل شيء من ذلك وافتقر حلت له المسألة ووجب على الناس أن يعطوه الصدقة من غير بينة يطالبونه بها على ثبوت فقره واستحقاقه إياها .
قوله : "قواما " بكسر القاف وهو ما يقوم بحاجته ويستغني به .
و"السداد " : بكسر السين المهملة : ما يسد به خلته ، والسداد -بالكسر أيضا- كل شيء سددت به حالا ، ومنه سداد الثغر وسداد القارورة ، والسداد بالفتح إصابة المقصد .
قوله : "حاجة " أي : فقر وفاقة .
قوله : "من ذوي الحجى " . بكسر الحاء المهملة وفتح الجيم مقصور ، وهو العقل ، وقال النووي : إنما شرط الحجى تنبيها على أنه يشترط في الشاهد التيقظ ، فلا يقبل من مغفل ، وأما اشتراط الثلاثة فقال بعض أصحابنا : هو شرط في بينة الإعسار فلا يقبل إلا من ثلاثة لظاهر هذا الحديث .
وقال الجمهور : يقبل من عدلين كسائر الشهادات غير الزنا ، وحملوا الحديث على الاستحباب ، وهذا محمول على من عرف له مال فلا يقبل قوله في تلفه والإعسار إلا ببينة ، وأما من لم يعرف له مال فالقول قوله في عدم المال .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي . : وليس هذا من باب الشهادة لكن من باب التبين والتعرف ; وذلك لأنه لا مدخل لعدد الثلاثة في شيء من الشهادات ، فإذا قال نفر من قومه أو جيرانه أو من ذوي الخبرة بشأنه : إنه صادق فيما يدعيه ; أعطي الصدقة .
قلت : الصواب ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ; لأنه أراد أن يخرج بالزيادة عن حكم الشهادة إلى طريق انتشار الخبر واشتهاره ، وأن القصد بالثلاثة ها هنا الجماعة التي أقلها أقل الجمع لا نفس العدد .
[ ص: 32 ] قوله : "من قومه " إنما قال هذا لأن قومه من أهل الخبرة بباطنه ، والمال مما يخفى في العادة فلا يعلمه إلا من كان خبيرا بصاحبه .
الثاني : أن الحد الذي ينتهي إليه العطاء في الصدقة هو الكفاية التي يكون بها قوام العيش وسداد الخلة ، وذلك يعتبر في كل إنسان بقدر حاله ومعيشته ليس فيه حد معلوم .
الثالث : أن مجرد دعوى الإعسار لا تقبل ، اللهم إلا إذ كان مشهورا بين قومه بالفقر والفاقة ; فإن القول قوله حينئذ .
الخامس : أنه يدل على أن الصدقة تحل للفقير الصحيح القادر على الاكتساب ; لأنه لم يشترط في هذه الصور الثلاث التي يحل فيها السؤال : أن يكون السائل عاجزا عن الكسب لأجل الزمانة ونحوها ، وإليه أشار بقوله : فأباح رسول الله - عليه السلام - في هذا الحديث . . . إلى آخره .
قوله : "فدل ذلك أن الصدقة " أي : دل ما أباحه النبي - عليه السلام - من السؤال لذي الحاجة إلى أن يصيب قواما من عيش أو سداد من معيشة على أن الصدقة لا تحرم بالصحة والقدرة على الاكتساب ، ولكن بشرط أن يكون مراد المتصدق عليه : سد الفقر ودفع الحاجة ، وأما إذا أراد بها التكثر والتجمل وغير ذلك فهو حرام ; لأنه يكون ممن يطلب الصدقة لغير المعاني الثلاثة المذكورة في الحديث .