وقول سراقة هذا للنبي - عليه السلام - وجواب النبي - عليه السلام - إياه يحتمل أن يكون أراد به : عمرتنا هذه في أشهر الحج للأبد ، أو لعامنا هذا ؛ لأنهم لم يكونوا يعرفون العمرة فيما مضى في أشهر الحج ، ، ويعدون ذلك من أفجر الفجور ، فأجابه رسول الله - عليه السلام - فقال : هي للأبد .
حدثنا محمد بن خزيمة وفهد ، قالا : ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16442عبد الله بن صالح ، قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17365ابن الهاد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد . ... ، فذكر بإسناده مثله ، غير أنه لم يذكر سؤال سراقة ولا جواب النبي - عليه السلام - إياه .
حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون ، قال : ثنا nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، أنه سمعه يحدث عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=679484أهللنا مع رسول الله - عليه السلام -
فكان سؤال سراقة لرسول الله - عليه السلام - المذكور في هذا الحديث إنما هو [على] المتعة ، أي أنا قد صارت حجتنا التي كنا دخلنا فيها أولا عمرة ، ثم قد أحرمنا بعد حلنا منها بحجة متمتعين بمتعتنا هذه لعامنا هذا خاصة فلا نفعل ذلك فيما بعد ، أم للأبد ؟ فنتمتع بالعمرة إلى الحج ، كما تمتعنا في عامنا هذا ؟ فقال رسول الله - عليه السلام - : بل للأبد . " . وليس ذلك على أن لهم فيما بعد أن يحلوا من حجة قبل عرفة ، لطوافهم بالبيت ، ولسعيهم بين الصفا والمروة ، وسنذكر عن رسول الله - عليه السلام - فيما بعد هذا من الباب ما يدل على أن ذلك الإحلال الذي كان منهم قبل عرفة خاصا لهم ليس لمن بعدهم ، ونصفه في موضعه إن شاء الله تعالى .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم مطولا سقناه بكماله هناك ، وأخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه مطولا ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي مختصرا ، وفسرنا هناك أكثر ألفاظه .
[ ص: 424 ] قوله : "مكث تسع سنين" يعني في المدينة ، وقد روي "أنه - عليه السلام - حج على الفور ، وكان فرض الحج سنة تسع وقيل : خمس ، والأول أصح .
وأول من أقام للمسلمين الحج عتاب بن أسيد سنة ثمان ، ثم nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر سنة تسع ، وحج - عليه السلام - سنة عشر ، وقد اختلفوا في حجة nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر - رضي الله عنه - سنة تسع ، هل كانت حجة الإسلام بعد نزول فرضها وهو الأظهر ؛ لوقوف جميع الناس بعرفة ، ولإنذار nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي الله عنه - فيها بمرأة ، وفيها ذكر النسيء وشرائع الحج ، وقيل : بل كانت على غير الفرض وعلى ما كانت عليه قبل الإسلام ، والأول أظهر .
قوله : "كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله - عليه السلام - " دليل على أنهم كانوا كلهم حجاجا ؛ إذ كان - عليه السلام - أحرم بالحج لائتمامهم به ، وبعيد أن يخالفوه فيما أحرم به .
قوله : "فأهل التوحيد" إشارة إلى قوله : "لا شريك لك" ، ومخالفة لقول المشركين في تلبيتهم من الإشراك .
قوله : "لسنا ننوي إلا الحج ولا نعرف العمرة" استدل به من كان يذهب إلى أنه - عليه السلام - كان مفردا بالحج في حجة الوداع ، وأن الإفراد أفضل ، قلنا : لا يستلزم هذا الكلام كون النبي - عليه السلام - مفردا ؛ وذلك لأنهم لم يكونوا يعرفون العمرة في أشهر الحج ويعدونها من أفجر الفجور ، ففي الابتداء كان النبي - عليه السلام - محرما بحجة حين قدم مكة ثم فسخ ذلك بعمرة ، ثم أقام عليها على أنها عمرة ، وقد عزم على أن يحرم بعدها بحجة ، فكان في ذلك متمتعا ، ثم لم يطف للعمرة حتى أحرم بالحجة ، فصار قارنا بذلك . فهذا هو الوجه في التوفيق بين الروايات التي جاءت بأنه - عليه السلام - كان مفردا أو متمتعا أو قارنا ، فافهم فإنه مدرك دقيق .
قوله : "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي" هذا القول منه - عليه السلام - كان تطييبا لأنفسهم لما رأى من توقفهم عن الإحلال إذ لم يحل هو ، لما كانوا من التأسي به حتى لا يجدوا في أنفسهم أنه يأمرهم بخلاف ما يفعله في نفسه ، [ ص: 425 ] وفيه دليل على جواز الأمرين ، وأنه لولا ما سبق من سوقه - عليه السلام - الهدي لحل معهم إلا أن السنة فيمن ساق الهدي لا يحل إلا بعد بلوغ الهدي محله وهو محرم يوم النحر ، قال القاضي : فيه دليل على أنه - عليه السلام - كان مهلا بالحج ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة : فيه دليل على فضل التمتع .
قلت : قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : إن جملة الحال له أنه لم يكن متمتعا ؛ لأنه قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة ، ولا كان مفردا ؛ لأن الهدي كان معه واجبا وذلك لا يكون إلا للقارن .
قوله : "وليجعلها عمرة" أي وليجعل الحجة عمرة ، وهو فسخ الحج في العمرة ، وقد قلنا : إنه كان مخصوصا بهم ، وأنه لا يجوز اليوم إلا عند nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وداود الظاهري .
قوله : "فقام سراقة . . . إلى آخره" قد بين nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي معناه بقوله : "وقول سراقة هذا . . . إلى آخره" .
واحتجت الظاهرية بقوله - عليه السلام - لسراقة : "بل لأبد" في رواية أخرى على جواز فسخ الحج في العمرة .
قلنا : يحتمل أن يريد بقوله : "لأبد" الاعتمار في أشهر الحج لا فسخ الحج في العمرة ، واحتجوا على ذلك أيضا بقوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=663224 "دخلت العمرة في الحج" أي جازت في أشهر الحج ؛ خلافا لما كانت الجاهلية تعتقده من عدم جوازها في أشهر الحج ، ويحتمل أن يكون دخولها في الحج في عمل القارن ، ويقال : معنى دخول العمرة في الحج سقوط وجوبها بوجوب الحج . والله أعلم .
الثاني : عن محمد بن خزيمة وفهد بن سليمان ، كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=16442عبد الله بن صالح وراق الليث وشيخ البخاري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17365يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد ، عن جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه محمد الباقر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر .
الثالث : عن محمد بن خزيمة أيضا ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15698حجاج بن منهال الأنماطي شيخ البخاري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، عن قيس بن سعد المكي مولى نافع بن علقمة - من رجال مسلم - عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر - رضي الله عنه - .
قوله : "اجعلوها عمرة" أي اجعلوا الحجة عمرة ، وأراد به فسخ الحج في العمرة ، وسيجيء الجواب عنه إن شاء الله تعالى .
الرابع : عن nindex.php?page=showalam&ids=15551أبي بكرة بكار القاضي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14385إبراهيم بن بشار الرمادي أبي إسحاق البصري شيخ أبي داود والبخاري في غير الصحيح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة . . . إلى آخره .
[ ص: 427 ] وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي بأسانيد مختلفة وألفاظ متباينة بزيادة ونقصان .
قوله : "صبيحة رابعة" أي ليلة رابعة من ذي الحجة .
قوله : "فأمرنا أن نحل" أراد به فسخ الحج في العمرة .
قوله : "الحل كله" بالنصب ، أي حلوا الحل كله .
الخامس : عن محمد بن حميد الرعيني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16638علي بن معبد بن شداد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17171موسى بن أعين الحراني الجزري ، روى له الجماعة سوى nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، عن خصيف بن عبد الرحمن الجزري ، وثقه يحيى nindex.php?page=showalam&ids=12013وأبو زرعة والعجلي .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود بزيادة ونقصان .
قوله : "فقال أناس . . . إلى آخره" يدل على أن الصحابة الذين حجوا مع رسول الله - عليه السلام - كانوا على ثلاثة أحوال : صنف منهم كانوا مهلين بالحج ، وصنف كانوا مهلين بالتمتع ، وصنف كانوا مهلين كإهلال النبي - عليه السلام - وكان إهلالهم مبهما ، فأمر النبي - عليه السلام - لمن لم يسق الهدي أن يفسخ الحج في العمرة ولهذا أمرهم بالإحلال ، وأما الذين ساقوا الهدي فلم يحلوا إلا يوم النحر .
وبهذا الحديث استدل من يرى جواز الإحرام المبهم ، وهو الذي يعلقه بإحرام شخص ، وقد ذكرناه .
[ ص: 428 ] السادس : عن فهد بن سليمان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16442عبد الله بن صالح شيخ البخاري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036عبد الملك بن جريج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله .
قوله : "رابعة" أي صبيح رابعة كما هو كذلك في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
قوله : "ولم يعزم في أمر النساء" يعني لم يعزم في وطء النساء ، وأما في الإحلال فكأنه عزيمة ، ومعنى لم يعزم : لم يؤكد .
قوله : "والمذي يقطر من مذاكيرنا" جملة حالية ، و "المذي" بفتح الميم وسكون الذال المعجمة وتخفيف الياء : البلل الذي يخرج من الذكر عند ملاعبة النساء ، ولا يجب فيه الغسل ، وهو نجس يجب غسله ، وينقض الوضوء .
والمذاكير : جمع ذكر على خلاف القياس .
قوله : "ولم يحلل" بكسر اللام لأنه من حل يحل من باب ضرب يضرب ، وقد جاء بفك الإدغام ، وقد عرف أن هذا الباب يجوز فيه الإدغام والفك ، ويجوز في الإدغام فتح اللام الأخيرة ؛ لأنه أخف الحركات ، وكسرها لأن الساكن إذا حرك [ ص: 429 ] حرك بالكسر ، وفي نحو باب لم يمد تجوز فيه الأوجه الثلاثة مع الفك ، والضم لاتباع الميم .
قوله : "وأتقاكم" أي أخشاكم .
قوله : "وأبركم" أي أكثركم خيرا وبرا .
السابع : عن nindex.php?page=showalam&ids=12391إبراهيم بن مرزوق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي بن إبراهيم البلخي شيخ البخاري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036عبد الملك بن جريج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر .
قوله : "أن نحل" بفتح أن أي بأن نحل أي أمرنا بالإحلال بعد أن طفنا بالبيت وبالصفا والمروة .
قوله : "فأهللنا من البطحاء" أي فأحرمنا بالحج من بطحاء مكة .
الثامن : عن nindex.php?page=showalam&ids=13591محمد بن عبد الله بن ميمون ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم الدمشقي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13760عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي إمام أهل الشام ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر .