وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : عن إسحاق بن موسى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17126معن بن عيسى القزاز ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ... إلى آخره، نحو رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
قوله: "كل خطيئة" أي إثم، من خطئ في دينه خطئا -بكسر الخاء، وسكون الطاء- إذا أثم فيه، والخطئ: الذنب، وأخطأ يخطئ إذا سلك سبيل الخطأ عمدا أو سهوا، ويقال: خطئ بمعنى أخطأ أيضا، وقيل: خطئ إذا تعمد، وأخطأ إذا لم يتعمد، ويقال لمن أراد شيئا ففعل غيره أو فعل غير الصواب: أخطأ.
قوله: "بطشتها" من البطش وهو السطوة، والأخذ بالعنف، وقد بطش به يبطش ويبطش بطشا، وباطشه مباطشة، وعين الفعل في المضارع مضموم ومكسور.
قوله: "مستها" من المس، من مسست الشيء -بالكسر- أمسه مسا، فهذه اللغة الفصيحة، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد مسست الشيء -بالفتح- أمسه مسا، فهذه بالضم، وربما قالوا: مست الشيء بحذف السين الأولى، وتحويل كسرها إلى الميم، ومنهم من لا يحول ويترك الميم على حالها مفتوحة.
ويستفاد منه أحكام:
الأول: أن المراد من قوله: "كل خطيئة" الصغائر لا الكبائر، وإن كانت الخطيئة تتناول الكل، وذلك لأن الكبائر لا تكفرها إلا التوبة أو رحمة الله تعالى ، وقال القاضي في قوله: "حتى يخرج نقيا من الذنوب": هذا يعم كل ذنب.
قلت: نعم، ذلك بحسب الظاهر، ولكن المراد منه الصغائر كما ذكرنا، ولهذا [ ص: 326 ] لا يخرج من مظالم العباد إلا بإرضاء الخصوم فهذه أيضا ذنوب، وقد يقال: إن المراد من الذنوب: الذنوب التي يقترفها ما بين الوضوئين من الصغائر والكبائر ما خلا مظالم العباد، كما ورد في حديث: nindex.php?page=hadith&LINKID=884046 "الصلاة إلى الصلاة كفارة ما بينهما" .
الثاني: أن قوله: "فإذا غسل رجليه" نص صريح أن وظيفة الرجلين الغسل ، ولهذا قال في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=688522 "مع الماء أو مع آخر قطر الماء" وإنما ذكر ذلك عند غسل الوجه وغسل اليدين وغسل الرجلين، ولم يذكر شيئا في مسح الرأس; لأنه غير الغسل. فإن قلت: ما معنى خروج الخطيئة عند الغسل، والخروج ونحوه مما يضاف إلى الأجسام؟
قلت: هذه استعارة; لأنه شبه الخطيئة بالوسخ والدرن الذي يتراكب على الجسم، ثم أثبت له على طريق الترشيح ما يلائمه، وهو الخروج الذي بمعنى الزوال، وجه التشبيه زوال الدرن من الجسم بالماء، والمعنى تزول الخطيئة عنه عند الغسل، بمعنى يغفر لها وتمحى، كما يزول الدرن حقيقة من الجسم عند مماسة الماء.
الثالث: أن ظاهر الحديث يدل على أن تلك الفضيلة تحصل له وإن لم يصل بذلك الوضوء شيئا من الصلوات، وفيه دليل على أن الوضوء نفسه عبادة وقربة، وإن لم يصل به.
[ ص: 327 ] فهذا يدل على أن وضوءه - عليه السلام - أولا ما كان لأجل الصلاة، وإنما كان لتحصيل الطهر والتقرب، ولهذا كان - عليه السلام - يقدم الطهارة إذا أوى إلى فراشه؛ ليكون مبيته على طهر.