فأخبر ابن عمر - رضي الله عنهما - في حديث بكر هذا أن رسول الله - عليه السلام - قدم مكة ، وهو يلبي بالحج ، وقد أخبر في حديث سالم أن رسول الله - عليه السلام - بدأ فأحرم بالعمرة فهذا معناه عندنا - والله أعلم - أنه كان أحرم أولا بحجة على أنها حجة ثم فسخها فصيرها عمرة ، فلبى بالعمرة ثم تمتع بها إلى الحج ، ، حتى يصح حديث سالم 5 وبكر هذين [ ص: 459 ] ولا يتضادان ، وفسخ رسول الله - عليه السلام - الحج الذي كان فعله وأمر به أصحابه هو بعد طوافهم بالبيت ، . قد ذكرنا ذلك في باب فسخ الحج ، ، فأغنانا ذلك عن إعادته ها هنا ، فاستحال بذلك أن يكون الطواف الذي كان رسول الله - عليه السلام - فعله للعمرة التي انقلبت إليها حجته مجزيا عنه من طواف حجته التي أحرم به بعد ذلك ، ولكن وجه ذلك عندنا - والله أعلم - : أنه لم يطف لحجته قبل يوم النحر ؛ لأن الطواف الذي يفعل قبل يوم النحر في الحجة إنما يفعل للقدوم لا لأنه من صلب الحجة ، فاكتفى ابن عمر بالطواف الذي كان فعله بعد القدوم في عمرته عن إعادته في حجته ، وهذا مثل ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أيضا من فعله .
فدل ما ذكرنا أن ابن عمر - رضي الله عنهما - كان إذا أحرم بالحجة من مكة ، لم يطف لها إلى يوم النحر ، فكذلك ما روي عن رسول الله - عليه السلام - من إحرامه بالحجة التي أحرم بها بعد فسخ حجته الأولى لم يكن طاف لها بك يوم النحر ، فليس في حديث ابن عمر ، عن النبي - عليه السلام - من حكم طواف القارن لعمرته وحجته شيء ، وثبت بما ذكرنا أيضا خطأ الدراوردي في حديث عبيد الله الذي وصفناه .
أخرجه عن nindex.php?page=showalam&ids=17362يزيد بن سنان القزاز ، nindex.php?page=showalam&ids=13857وإبراهيم بن أبي داود البرلسي ، كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=16442عبد الله بن صالح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16581عقيل - بضم العين - بن خالد الأيلي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم .
[ ص: 460 ] وذكره بعينه في باب : ما كان النبي - عليه السلام - محرما في حجة الوداع .
فهذا nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يخبر في حديثه هذا أنه - عليه السلام - كان في حجة الوداع متمتعا ، وأنه بدأ فأحرم بالعمرة أولا ، وروى عنه nindex.php?page=showalam&ids=15558بكر بن عبد الله : "أن النبي - عليه السلام - وأصحابه قدموا ملبين بالحج . . . " الحديث .
أخرجه عن محمد بن خزيمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15698حجاج بن منهال شيخ البخاري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15767حميد الطويل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15558بكر بن عبد الله ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
وذكره أيضا بعينه في باب : من أحرم بحجة فطاف لها قبل أن يقف بعرفة .
فهذا nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يخبر في حديثه هذا أنه - عليه السلام - قدم مكة وهو يلبي بالحج ، فبين الخبرين تضاد لا يخفى .
وأشار إلى وجه التوفيق بينهما دفعا للتضاد المذكور بقوله : "فهذا معناه عندنا ، والله أعلم" . بيانه أن يقال : إنه - عليه السلام - كان أحرم أولا بحجة على أنها حجة ، ثم فسخها فجعلها عمرة فلبى بالعمرة ، ثم تمتع بهذه العمرة إلى الحج ، ولكن كان فسخه الحج الذي كان فعله وأمر به أصحابه بعد طوافهم بالبيت على ما ذكره في باب فسخ الحج ، فإذا كان كذلك استحال أن يكون الطواف الذي كان رسول الله - عليه السلام - فعله للعمرة التي انقلبت عنها حجته كافيا عنه عن طواف حجته التي أحرم بها بعد ذلك ، ولكن وجهه أنه لم يطف لحجته قبل يوم النحر ؛ لأن الطواف الذي يفعل قبل يوم النحر يفعل للقدوم ، وليس ذلك من صلب الحج ، وهو معنى قوله : "لا لأنه من صلب الحج" أي لا يفعل ذلك لأجل أنه من صلب الحج ، ولكن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - اكتفى بالطواف الذي كان فعله بعد القدوم في عمرته عن إعادته في حجته ، وهذا مثل ما روي عنه من فعله : "أنه كان إذا قدم مكة رمل بالبيت ، ثم طاف بين الصفا والمروة ، وإذا لبى من مكة لم يرمل بالبيت ، وأخر الطواف بين الصفا والمروة إلى يوم النحر ، وكان لا يرمل يوم النحر" .
أخرجه بإسناد صحيح ، عن محمد بن خزيمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15698حجاج بن منهال ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، عنه .
فإذا ثبت هذا فقد دل على أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كان إذا أحرم من مكة لم يطف لها إلى يوم النحر ، فكذلك ما روي عن النبي - عليه السلام - من إحرامه بالحجة التي أحرم بها بعد فسخه حجته الأولى لم يكن طاف لها إلى يوم النحر ، فإذا كان كذلك فكيف يجوز أن نقبل ما ذكروه عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في الاحتجاج فيما ذهبوا إليه ؟ ! وليس في حديثه عن النبي - عليه السلام - ما يبين حكم طواف القارن لعمرته وحجته ، فدل ذلك أيضا على خطأ nindex.php?page=showalam&ids=16379الدراوردي في رفعه الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر . والله أعلم .