فأخبر أن الطواف المفعول للحج يجزئ عن الحج والعمرة ، وأنتم لا تقولون هذا ، إنما تقولون : إن طواف القارن طواف لقرانه لا لحجته دون عمرته ولا لعمرته دون حجته ، مع أن غير ابن أبي نجيح ، من أصحاب عطاء ، قد روى هذا الحديث بعينه عن عطاء ، على معنى غير هذا المعنى .
حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال : ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ، قال : ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم ، قال : ثنا nindex.php?page=showalam&ids=15698حجاج ، وأخبرني nindex.php?page=showalam&ids=16486عبد الملك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنها قالت : " nindex.php?page=hadith&LINKID=651459قلت : يا رسول الله ، أكل أهلك يرجع بحجة وعمرة غيري ؟ قال : انفري فإنه يكفيك . - قال حجاج في حديثه عن عطاء : قال : لجت على رسول الله - عليه السلام - - فأمرها أن تخرج إلى التنعيم ، فتهل منه بعمرة ، وبعث معها أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر ، - رضي الله عنهم - فأهلت منه بعمرة ، ثم قدمت منه فطافت وسعت وقصرت ، وذبح عنها رسول الله - عليه السلام - ، قال عبد الملك ، عن عطاء : " : ذبح عنها بقرة" .
فأخبر عبد الملك ، عن عطاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بقصتها بطولها ، وأنها إنما أحرمت بالعمرة في وقت ما كان لها أن تنفر بعد فراغها من الحجة ، وأن الذي ذكر أنه يكفيها : هو الحج من الحجة والعمرة ، لا الطواف ، فقد بطل أن يكون في حديث عطاء هذا حجة في حكم طواف القارن كيف هو ؟
ش: هذا جواب عن الحديث المذكور ، وتقريره على وجهين :
الأول : أن لفظ الحديث ليس مثل ما رووه ، وإنما هو أنه قال : "طوافك لحجك يجزئك لحجك وعمرتك" ، فأخبر رسول الله - عليه السلام - أن الطواف الذي طافته nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - كانت معتمرة لما أقبل رسول الله - عليه السلام - مع أصحابه مهلين بالحج ، فلما كانت بسرف حاضت فمنعت من الطواف ، فأمرها النبي - عليه السلام - أن تغتسل وتهل بالحج ففعلت ووقفت المواقف ، فلما طهرت طافت بالكعبة والصفا والمروة ، فقال لها [ ص: 471 ] رسول الله - عليه السلام - : "طوافك يكفيك لحجك وعمرتك" يعني : طوافك المفعول للحج يجزئ عن الحج والعمرة ، وأهل المقالة الأولى لا يقولون هذا ، بل إنما يقولون : طواف القارن طواف لأجل قرانه ، لا للحج دون العمرة ، ولا للعمرة دون الحج .
الوجه الثاني : أن الحديث المذكور روي على معنى غير المعنى الذي رواه nindex.php?page=showalam&ids=16406عبد الله بن أبي نجيح ، أشار إليه بقوله : "مع أن غير nindex.php?page=showalam&ids=16406ابن أبي نجيح من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء قد روى هذا الحديث . . . " إلى آخره ، فإنه أخبر أن اعتمار nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة كان في وقت ما كان لها أن تنفر بعد فراغها من الحجة ، وأن الذي ذكر أنه يكفيها : هو الحج من الحجة والعمرة ، وليس المراد الطواف ، فإذا كان كذلك فقد بطل أن يكون في حديث nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء المذكور حجة في حكم طواف القارن كيف هو .
ثم إنه أخرج الحديث المذكور عن صالح بن عبد الرحمن ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور الخراساني شيخ مسلم وأبي داود ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم بن بشير روى له الجماعة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15689حجاج بن أرطأة فيه لين ولكن احتج به الأربعة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=15698حجاج أيضا ، عن عبد الملك بن سليمان العرزمي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، وهو معنى قوله : "وأخبرني عبد الملك عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء " ، وعبد الملك روى له الجماعة ، nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري مستشهدا .
[ ص: 472 ] قوله : "لجت" بالجيم من لجج - بالكسر - يلج لجاجا ولجاجة ، فهو لجوج ولجوجه ، بالهاء للمبالغة ، ولج بالفتح لغة ، وفي رواية "ألحت" بالحاء المهملة من الإلحاح ، وفي رواية : "ألظت" من ألظ بالشيء يلظ إلظاظا إذا لازمه وثابر عليه .
وجواب آخر : أن معنى قوله - عليه السلام - : "فإن طوافك يكفيك لحجك وعمرتك" أي لعمرتك المرفوضة ؛ لأنها لا طواف لها ، ويحتمل أن يريد : ثواب هذا الطواف كثواب طواف الحج والعمرة ؛ لأنها قصرت النسكين ، وإنما تركت الواحد بغير اختيارها ، على أن المشهور الثابت : أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - كانت مفردة بالحج ، وأنه - عليه السلام - أمرها برفض العمرة ، وقولها : "وأرجع بحجة واحدة" دليل واضح على ذلك ، وقولها : "ترجع صواحبي بحج وعمرة وأرجع أنا بالحج" صريح في رفض العمرة ؛ إذ لو أدخلت الحج على العمرة لكانت هي وغيرها سواء ، ولما احتاجت إلى عمرة أخرى بعد العمرة والحج اللذين فعلتهما .
وقوله - عليه السلام - عن عمرتها الأخيرة : "هذه مكان عمرتك" صريح في أنها خرجت من عمرتها الأولى ورفضتها ، إذ لا تكون الثانية مكان الأولى إلا والأولى مفقودة ، وفي بعض الروايات : "هذه قضاء من عمرتك" .
فإن قيل : قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : معنى قوله : "ودعي العمرة" أمسكي عن أفعالها وأدخلي عليها الحج .
قلت : هذا خلاف حقيقة قوله : "دعي العمرة" ، بل حقيقته أنه أمرها برفض العمرة بالحج ، وقوله : "انقضي رأسك وامتشطي" يدل على ذلك ويدفع تأويل nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بالإمساك عن أفعال العمرة ؛ إذ المحرم ليس له أن يفعل ذلك .
فإن قيل : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا نعرف في الشرع رفض العمرة بالحيض .
قلت : قال nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري في "التجريد" : ما رفضتها بالحيض لكن تعذرت أفعالها ، وكانت ترفضها بالوقوف ، فأمرها بتعجيل الرفض .