5622 5623 5624 ص: قال nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن معنى هذه الجوائح التي أمر النبي -عليه السلام- بوضعها في الثمار يبتاعها الرجل فيقبضها، فتصيبها في يده جائحة فتذهب بثلثها فصاعدا، قالوا: فذلك يبطل ثمنها عن المشتري.
قالوا: وما أصابها فأذهب بشيء منها دون ثلثها ذلك من مال المشتري، ولم يبطل عنه من ثمنه شيء.
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12391ابن مرزوق، قال: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=12063أبو عاصم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، فذكر بإسناده مثله.
قالوا: فقد بين هذا الحديث المعنى الذي ذكرنا.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي -في القديم- nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبا عبيد وطائفة من أهل الحديث، ولكن فيما بينهم اختلاف أيضا، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي -في [ ص: 525 ] قول-: الجائحة التي توضع عن المشتري: الثلث فصاعدا، ولا تكون فيما دون الثلث جائحة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي -في قول-: تحط الجائحة في الثمار عن المشتري قلت أو كثرت.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة في "المغني" : الكلام في هذه المسألة على فصول:
الأول: أن ما تهلكه الجائحة من الثمار من ضمان البائع في الجملة، وبهذا قال أكثر أهل المدينة، منهم: nindex.php?page=showalam&ids=17316يحيى بن سعيد الأنصاري nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد وجماعة من أهل الحديث.
الثاني: أن الجائحة: كل آفة لا صنع للآدمي فيها، كالريح والبرد والجراد والعطش.
الثالث: أن ظاهر المذهب أنه لا فرق بين قليل الجائحة وكثيرها، إلا أن ما جرت العادة بتلف مثله كالشيء اليسير الذي لا ينضبط، فلا يلتفت إليه.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : إني لا أقول في عشر تمرات وعشرين تمرة، ولا أدري ما الثلث، ولكن إذا كانت جائحة فوق -الثلث أو الربع أو الخمس- توضع.
وعنه رواية أخرى: أن ما كان دون الثلث فهو من ضمان المشتري، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في القديم، لأنه لا بد أن يأكل الطائر منها وتنثر الريح، ويسقط منها، فلم يكن بد من ضابط واحد فاصل بين هذا وبين الجائحة، والثلث قد رأينا الشرع اعتبره في مواضع، منها: الوصية وعطايا المريض.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم: إنهم يستعملون الثلث في سبع عشرة مسألة، ولأن الثلث في حد الكثرة، وما دونه في حد القلة، ودليله قوله -عليه السلام- في الوصية: nindex.php?page=hadith&LINKID=651213 "الثلث والثلث كثير" ووجه الرواية الأولى عموم الأحاديث، فإن النبي -عليه السلام- أمر بوضع الجوائح، ولم يفرق بين القليل والكثير، إذا ثبت هذا؛ فإنه إذا تلف شيء له قدر خارج عن العادة؛ وضع من الثمن بقدر الذاهب، وإن تلف الجميع بطل العقد ويرجع المشتري بجميع الثمن، [ ص: 526 ] وإن تلف البعض وكان الثلث فما زاد؛ رجع بقسطه من الثمن، وإن كان دونه لم يرجع بشيء، وإن اختلفا في الجائحة أو في قدر ما أتلفت، فالقول قول البائع لأن الأصل السلامة، ولأنه غارم، والقول في الأصول قول الغارم.
وفي "شرح الموطأ" لابن زرقون: والذي يوضع من الجوائح عند ابن القاسم: كل ما لا يستطاع دفعه وإن علم به، والذي يستطاع دفعه إن علم به ليس بجائحة، كالسارق، وهو مذهب ابن نافع في "المدونة" وقال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم في "المدونة": كل ما أصاب الثمرة بأي وجه كان فهو جائحة سارقا كان أو غيره، وقال nindex.php?page=showalam&ids=17097مطرف nindex.php?page=showalam&ids=12873وابن الماجشون: لا تكون جائحة إلا ما أصاب الثمر من أمر السماء؛ من عفن أو برد أو عطش أو فساد بحر أو برد أو بكسر الشجر، وأما صنع الآدمي فليس بجائحة، وإذا كانت الجائحة من قبل العطش فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وابن القاسم في "الواضحة": يوضع قليل ذلك وكثيره؛ كانت تشرب مطرا أو غيره، وأما الجائحة بكثرة المطر فهو نوع من العفن يوضع كثيره دون قليله، وكل مبيع يحتاج إلى بقائه في أصله لانتهاء صلاحه وطيبه كثمرة النخل والعنب؛ إذا اشتري عند بدو صلاحه، وكثمرة التفاح والتين والبطيخ والورد والياسمين والفول فلا خلاف عندنا في وضع الجائحة فيه، وأما ما لا يحتاج إلى بقائه في أصله لتمام صلاحه ولا لبقاء نضارة كالتمر اليابس والزرع، فلا خلاف أنه لا توضع فيه جائحة، لأن تسليمه قد كمل، وهو كالصبرة الموضوعة في الأرض.
وأما ما يحتاج إلى بقائه في أصله لحفظ نضارته كالعنب يشترى بعد تمام صلاحه، وكالقصيل والقصب والقرط والبقول والأصول المغيبة، فروى nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم في "المدونة": إن اشترى التمر في رءوس النخل وقد طابت طيبا بينا، فأصابتها جائحة، فليس على البائع شيء، لأنه مثل ما في الجرن.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم: لا توضع في قصب السكر جائحة، لأنه لا يباع حتى يتم، وروى nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون عن nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم في قصب السكر والخربز وسائر البقول [ ص: 527 ] والقصيل الجائحة، وبه قال ابن عبد الحكم، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون: إذا تناهى العنب وآن قطافه حتى لا يتركه تارك إلا لسوق يرجوه أو لشغل يعرض له لم توضع فيه جائحة، هذا في البيع.
وأما إن كان مهرا في النكاح فقال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم: لا جائحة فيه. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون: فيه الجائحة. وقال ابن زرقون أيضا: وما بيع من الثمار كالتين والعنب والتمر واللوز والجوز والتفاح فيراعى في جائحته الثلث، فإن قصرت الجائحة عن الثلث لم يوضع عن المشتري شيء، وما كان من أنواع البقول والأصول المغيبة مما الغرض في أعيانها دون ما يخرج منها، ففيها روايتان: نفي الجائحة جملة، وإثباتها.
فإذا قلنا بإثباتها فيها، فروى nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: أن الجائحة توضع فيها قليلها وكثيرها، وإن كانت دون الثلث قال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم: عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في "المدونة": إلا أن يكون الشيء التافه، وروي عنه: أنه لا يوضع من جائحتها إلا ما بلغ الثلث.
وأما القثاء والبطيخ والقرع والباذنجان والفول والجلبان، فروى nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم وجميع أصحابنا: أن الثلث يعتبر في جائحتها، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد عن nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب: المقاثي كالبقل يوضع قليل جائحتها وكثيرها، فإن كان المبيع من الثمار في عقد واحد أجناسا: عنبا وتينا وسفرجلا أو ياسمينا ووردا، فأصاب جنسا منها جائحة دون سائرها: فروى nindex.php?page=showalam&ids=13056ابن حبيب عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: كل جنس معتبر بنفسه إن بلغت ثلثه وضعت، وإن لم تبلغه لم توضع. وروى nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد عن nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ: أن جائحة المصاب معتبرة بالجملة، سواء كان في حائط أو حوائط مختلفة، ولو اشترى حوائط كثيرة من جنس واحد فأصابت الجائحة حائطا منها اعتبر ثلث الجملة، والله أعلم.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم في "المحلى" : وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الجوائح فإنه لا يعرف عن أحد قبله ما ذكرنا عنه من التقسيم بين الثمار والمقاثي، وبين البقول والموز، ولا يعضد [ ص: 528 ] قوله في ذلك قرآن ولا سنة، ولا رواية سقيمة أصلا ولا قول أحد من السلف، ولا قياس ولا رأي له وجه، ولهم في تخصيص الثلث آثار ساقطة، وهي التي روينا من طريق عبد الملك بن حبيب الأندلسي، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17097مطرف ، عن أبي طوالة ، عن أبيه، أن رسول الله -عليه السلام- قال: "إذا أصيب ثلث الثمرة فقد وجب على البائع الوضيعة".
قال عبد الملك: وحدثني nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ بن الفرج ، عن السبيعي ، عن عبد الجبار بن عمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة الرأي: "أن رسول الله -عليه السلام- أمر بوضع الجائحة إذا بلغت ثلث الثمر فصاعدا".
قال عبد الملك: وحدثني عبد الله بن موسى ، عن خالد بن إياس ، عن يحيى بن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "خمس من الجوائح: الريح، والبرد، والحريق، والجراد، والسيل".
قال nindex.php?page=showalam&ids=8علي: هذا كله كذب، عبد الملك مذكور بالكذب، والأول مرسل مع ذلك، والسبيعي مجهول، لا يدري أحد من هو، وعبد الجبار بن عمر ضعيف، وهو أيضا مرسل؛ فسقط كل ذلك، وخالد بن إياس ساقط.
وذكروا أيضا عمن دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما روينا من طريق عبد الملك بن حبيب: نا ابن أبي أويس ، عن الحسين بن عبيد الله بن ضمرة ، عن أبيه، عن جده، عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "أنه كان يقضي بوضع الجائحة إذا بلغت ثلث الثمن فصاعدا".
ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=13056ابن حبيب أيضا: حدثني الحزامي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي ، عن موسى بن إبراهيم التيمي ، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار قال: "باع nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف من nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص عنبا له، فأصابه الجراد، فأذهبه -أو أكثره- فاختصما إلى nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان، فقضى على عبد الرحمن برد الثمن إلى سعد".
قال nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي: وكان سهل بن أبي حثمة nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم nindex.php?page=showalam&ids=15959وسالم وعلي بن الحسين nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح يرون الجائحة موضوعة عن المشتري إذا بلغت الثلث فصاعدا.
[ ص: 529 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=8علي: هذا كله باطل؛ لأن كله من طريق عبد الملك بن حبيب. ثم الحسين بن عبد الله بن ضمرة مطرح متفق على أن لا يحتج بروايته؛ وأبوه مجهول، nindex.php?page=showalam&ids=15472والواقدي مذكور بالكذب، والله أعلم.
قوله: "وهذا مثل الحديث المذكور عن رسول الله -عليه السلام- ... " إلى آخره، إشارة إلى أن ما ذكر هؤلاء القوم من معنى الجوائح التي تصيب الثمرة وتبطل من الثمن ثلثه على ما ذكر مثل ما روي عنه -عليه السلام- من قوله: "إن بعت من أخيك تمرا ... " الحديث وذلك لأنه يدل على أن الرجل إذا باع من آخر ثمرا ثم أصابته جائحة؛ فإنه لا يحل له أن يأخذ من المشتري شيئا، فإن أخذ منه شيئا يرده عليه، وهذا معنى ما روي من قوله -عليه السلام-: nindex.php?page=hadith&LINKID=2003 "أنه أمر بوضع الجوائح".
ثم إنه أخرج هذا الحديث من طريقين صحيحين:
الأول: عن nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى المصري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب المصري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036عبد الملك بن جريج المكي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير محمد بن مسلم المكي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنه-.
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : حدثني أبو الطاهر، قال: نا nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، أن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبا الزبير أخبره، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله، أن رسول الله -عليه السلام- قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=670712 "إن بعت من أخيك ثمرا- (ح).
الثاني: عن nindex.php?page=showalam&ids=12391إبراهيم بن مرزوق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12063أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر، نحوه.
وقالت أهل المقالة الأولى: هذا الحديث قد بين المعنى الذي ذكرنا في وضع الجوائح. وسيأتي الجواب عن هذا إن شاء الله تعالى.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: لا حجة في هذا الحديث لقول مالك ومن تبعه؛ بل هو حجة عليه، لأنه ليس فيه تخصيص ثلث من غيره، وكذا الحديث الأول.