ثم قال : أو ما ملكت أيمانهن فلا يكون ضمه أولئك مع ما قبلهم بدليل أن حكمهم مثل حكمهم ، ولكن الذي أبيح بهذه الآية للمملوكين من النظر إلى النساء إنما هو ما ظهر من الزينة وهو الوجه والكفان ، وفي إباحته ذلك للمملوكين وليسوا بذوي أرحام محرمة دليل على أن الأحرار الذين ليسوا بذوي أرحام محرمة من النساء في ذلك كذلك ، وقد بين هذا المعنى ما في حديث عبد بن زمعة من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=93لسودة : " : " nindex.php?page=hadith&LINKID=849215احتجبي منه " فأمرها بالحجاب منه وهو ابن وليدة أبيها ، وليس يخلو أن يكون أخاها أو ابن وليدة أبيها فيكون مملوكا لها ولسائر ورثة أبيها ، فعلمنا أن النبي -عليه السلام - لم يحجبها منه ; لأنه أخوها ولكن لأنه غير أخيها وهو في ذلك الحال مملوك فلم يحل له -برقه - النظر إليها ، فقد ضاد هذا الحديث حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ، وخالفه ، وصارت الآية التي ذكرنا على قول هذا الذاهب إلى حديث nindex.php?page=showalam&ids=93سودة أنها على سائر النساء دون أمهات المؤمنين ، وأن عبيد أمهات المؤمنين كانوا في حكم النظر إليهن في حكم الغرباء منهن الذين لا رحم بينهم وبينهن ، لا في حكم ذوي الأرحام منهن المحرمة ، فكل من كان بينهن وبينهم محرم فهو عندنا في حكم ذوي الأرحام منهن المحرمة في منع ما وصفنا .
[ ص: 222 ] ثم رجعنا إلى النظر لنستخرج به من القولين قولا صحيحا ، فرأينا ذا الرحم لا بأس أن ينظر إلى المرأة التي هو لها محرم إلى وجهها وصدرها وشعرها وما دون ركبتيها ، ورأينا القريب منها ينظر إلى وجهها وكفيها فقط ، ثم رأينا العبد حرام عليه -في قولهم جميعا - أن ينظر إلى صدر المرأة مكشوفا أو إلى ساقيها ، وسواء كان رقه لها أو لغيرها ،
فلما كان فيما ذكرنا كالأجنبي منها لا كذي رحمها المحرم عليها ; كان في النظر إلى شعرها أيضا كالأجنبي لا كذي رحمها المحرم عليها .
فهذا هو النظر في هذا الباب ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف ، ومحمد ، -رحمهم الله - ، وقد وافقهم في ذلك من المتقدمين الحسن ، والشعبي . .
حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال : ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ، قال : ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم ، قال : أنا nindex.php?page=showalam&ids=17127مغيرة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، nindex.php?page=showalam&ids=17419ويونس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : " ، أنهما كرها أن ينظر العبد إلى شعر مولاته " .
وتقرير الجواب أن يقال : لا نسلم أنه جعل ما ملكت أيمانهن كذلك ، بل ذكر جماعة واستثناهم من قوله : ولا يبدين زينتهن فذكر البعولة وهو جمع بعل وهو الزوج ، وكذلك ذكر الآباء وجماعة معهم قبل ذكر قوله : أو ما ملكت أيمانهن وليس جمعه إياهم في الذكر دليلا على استواء أحكامهم ، ألا ترى أن البعل الذي هو الزوج قد يجوز له أن ينظر من امرأته إلى ما لا يجوز له نظر أبيها إليه منها ، يدل ذلك على أن الجمع بينهم في الذكر لا يدل على استواء الحكم .
[ ص: 223 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=14002الجصاص في هذه الآية : قال nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب : إن العبد لا ينظر إلى شعر مولاته ، وهو مذهب أصحابنا إلا أن يكون ذا رحم محرم منها ، وتأولوا قوله تعالى : أو ما ملكت أيمانهم على الإماء ; لأن العبد والحر في التحريم سواء ، فهي وإن لم يجز لها أن تتزوجه وهو عبدها ; فإن ذلك تحريم عارض ، ثم قال : فإن قال قائل : هذا يؤدي إلى إبطال فائدة ذكر ملك اليمين في هذا الموضع .
قيل له : ليس كذلك ; لأنه قد ذكر النساء في الآية بقوله : أو نسائهن وأراد بهن الحرائر المسلمات ، فجاز أن يظن ظان أن الإماء لا يجوز لهن النظر إلى شعر مولاتهن وإلى غيره مما يجوز للمحرم النظر إليه منها ، فأبان الله تعالى أن الأمة والحرة في ذلك سواء ، وإنما خص نساءهن بذكر في هذا الموضع ; لأن جميع من ذكر قبلهن هم الرجال ، بقوله : ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن إلى آخر ما ذكر ، فكان جائز أن يظن ظان أن الرجال مخصوصون بذلك إذا كانوا ذوي محارم ، فأبان تعالى إباحة النظر إلى هذه المواضع من نسائهن سواء كن ذوات محارم أو غير ذوات محارم ، ثم عطف على ذلك الإماء بقوله : أو ما ملكت أيمانهم لئلا يظن ظان أن الإباحة مقصورة على الحرائر من النساء ، إذ كان ظاهر قوله : أو نسائهن يقتضي الحرائر دون الإماء ، كما كان قوله تعالى : وأنكحوا الأيامى منكم على الحرائر دون المماليك ، وقوله : شهيدين من رجالكم فإن على الحرائر ، ثم عطف عليهن الإماء ، فأباح لهن مثل ما أباح في الحرائر . انتهى .
قوله : "وليسوا بذوي أرحام " الواو فيه للحال .
قوله : "وقد بين هذا المعنى " أراد به المعنى الذي ذكره بقوله : "وفي إباحة ذلك للمملوكين . . . . " إلى آخره .
[ ص: 224 ] قوله : "وهو ابن وليدة أبيها " أي ابن أمة أبيها ، وهذا باب فيه كلام كثير يأتي تحقيقه في باب : الأمة يطأها مولاها ثم يموت . إن شاء الله تعالى .
قوله : "فقد ضاد هذا الحديث " أراد به حديث عبد بن زمعة ، وأراد بحديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة هو الحديث المذكور في أول الباب الذي احتجت به أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه من جواز نظر العبد إلى شعر مولاته .
وجه التضاد بينهما ظاهر يعلم بأدنى تأمل .
قوله : "ثم رجعت إلى النظر " أي إلى وجه النظر والقياس "لنستخرج به " أي بالنظر والرأي "من القولين " وهما قول أهل المقالة الأولى المحتجين بحديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ، وقول أهل المقالة الثانية .
قوله : "وقد وافقهم في ذلك " أي : وقد وافق nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة وصاحبيه فيما ذهبوا إليه من المتقدمين : nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=14577وعامر بن شراحيل الشعبي .
وخرج ذلك عنهما بإسناد صحيح ، عن صالح بن عبد الرحمن ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم بن بشير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17127المغيرة بن مقسم الضبي الكوفي عن nindex.php?page=showalam&ids=14577عامر الشعبي وعن المغيرة عن nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس بن عبيد بن دينار البصري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في "مصنفه " : عن nindex.php?page=showalam&ids=11820أبي الأحوص ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17127مغيرة نحوه .