والجواب عنه أن يقال: إن الإمام إذا رأى مصلحة في زيادة العدد في التعزير لزيادة التنكيل والردع في المعزر جاز له ذلك، ألا ترى أن رسول الله -عليه السلام- قد عزر [ ص: 488 ] ذلك الرجل الذي قتل عبده عمدا بمائة، كما جاء في حديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده: "أن رجلا قتل عبده عمدا، فجلده النبي -عليه السلام- مائة، ونفاه سنة، ومحى اسمه من المسلمين وأمره أن يعتق رقبة".
فهذا بالاتفاق بين الخصوم لم يكن حدا له لا ينبغي تركه، وإنما كان لزيادة التنكيل لأجل الدعارة، وقد مر الحديث والكلام فيه في باب: "حد البكر".
فإن قيل: روى nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: عن nindex.php?page=showalam&ids=16475عبد الله بن يوسف ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن عبد الله ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار ، عن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن أبي بردة ، عن أبي موسى قال: "كان رسول الله -عليه السلام- يقول: nindex.php?page=hadith&LINKID=696120لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله" فكيف يجوز التعزير بمائة أو ما فوق العشر؟!
قلت: هذا معناه في حق من يرتدع بالردع، ويؤثر فيه أدنى الزجر، كأشراف الناس وأشراف أشرافهم، وأما السفلة وأسقاط الناس فلا يؤثر فيهم عشر جلدات ولا عشرون، فيعزرهم الإمام بحسب ما يراه، ألا ترى إلى ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري، قالا: "إن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - ضرب رجلا -دون المائة- وجد مع امرأة بعد العتمة" وروى nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، عن جامع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16115شقيق قال: "كان لرجل على nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أم المؤمنين حق، فكتب إليها فحرج عليها، فأمر nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - بأن يجلد ثلاثين سوطا" .
وعن هذا قال أصحابنا: التعزير على أربع مراتب: تعزير الأشراف: وهم الدهاقين والقواد، وتعزير أشراف الأشراف: وهم الفقهاء والعلوية، وتعزير الأوساط: وهم السوقة، وتعزير الأخساء: وهم السفلة.
فتعزير أشراف الأشراف بالإعلام المجرد، وهو أن يبعث القاضي أمينه فيقول له: بلغني أنك تفعل كذا وكذا.
[ ص: 489 ] وتعزير الأشراف: الإعلام والجر إلى باب القاضي والخطاب بالمواجهة.
وتعزير الأوساط: الإعلام والجر والحبس.
وتعزير السفلة: الإعلام والجر والضرب والحبس; لأن المقصود من التعزير: الزجر، وأحوال الناس في الانزجار على هذه المراتب .
وفي هذا الباب خلاف بين العلماء:
فمذهب nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي -رحمه الله-: أن التعزير ليس له مقدار محدود، ويجوز للإمام أن يبلغ به ما رآه وإن تجاوز به الحدود.
وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور وأحد أقوال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف .
وقالت طائفة: التعزير مائة جلدة فأقل.
وقالت طائفة: أكثر التعزير مائة جلدة إلا جلدة.
وقالت طائفة: أكثره تسعة وتسعون سوطا فأقل. وهو أحد أقوال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف .
وقالت طائفة: أكثره خمسة وتسعون سوطا فأقل. وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى، وأحد أقوال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف .
وقالت طائفة: أكثره ثلاثون سوطا.
وقالت طائفة: أكثره عشرون سوطا.
وقالت طائفة: لا يتجاوز بالتعزير تسعة، وهو قول بعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وقالت طائفة: أكثره عشرة أسواط فأقل، لا يجوز أن يتجاوز به أكثر من ذلك. وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأصحاب الظاهر.