فهذا رسول الله -عليه السلام- قد ورث أبا لبابة بن ثابت ، برحمه التي بينه وبينه، فثبت [ ص: 248 ] بذلك مواريث ذوي الأرحام، ودل سؤال رسول الله -عليه السلام- ربه -عز وجل- في حديث عطاء بن يسار ، عن العمة والخالة هل لهما ميراث أم لا؟ أنه لم يكن نزل عليه في ذلك فيما تقدم شيء، فثبت بما ذكرنا تأخر حديث واسع هذا عن حديث عطاء بن يسار؛ ، فصار ناسخا له.
فإن قلتم: إن حديث واسع هذا منقطع.
قيل لكم: وحديث عطاء بن يسار ، منقطع أيضا، فمن جعلكم أولى بتثبيت المنقطع فيما يوافقكم، من مخالفكم فيما يوافقه.
ش: هذا جواب بطريق التسليم، وهو على وجهين:
الأول: أن هذا لا يدل على منع ذوي الأرحام من الميراث، لأن معنى قوله: "لا شيء لهما" يحتمل أن يكون لا فرض لهما، فسمى مقدرا كما كان لغيرهما من النساء الوارثات كالبنات والأخوات والجدات، ولم يكن نزل على النبي -عليه السلام- شيء في ذلك إلى هذا الوقت، فلذلك قال: "لا شيء لهما" على المعنى المذكور.
الثاني: يحتمل أن يكون معناه: لا ميراث لهما أصلا؛ لأنه لم يكن نزل عليه شيء في ذلك، فلما نزل قوله تعالى: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض جعل -عليه السلام- لهما الميراث، والدليل على ذلك، أنه روي عن النبي -عليه السلام- في توريث ذوي الأرحام، وهو حديث واسع بن حبان -بفتح الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة.
قوله: "توفي ثابت بن الدحداح" وقيل: الدحداحة بن نعيم، يكنى أبا الدحداح، ويقال: أبا الدحداحة.
قوله: "وكان أتيا" بفتح الهمزة وكسر التاء المثناة من فوق وتشديد الياء آخر الحروف، ومعناه كان غريبا يقال: رجل أتي وأتاوي، وقد فسره في الحديث بقوله: "وهو الذي ليس له أصل يعرف".
قوله: "لعاصم بن عدي" هو عاصم بن عدي بن الجد بن عجلان العجلاني .
قوله: "أبا لبابة". بضم اللام وبالباءين الموحدتين، وهو أبو لبابة بن عبد المنذر الأنصاري المدني، قال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري: وخليفة بن خياط: اسمه بشير بن عبد المنذر .
قوله: "فإن قلتم: إن حديث واسع هذا منقطع...إلى آخره".
[ ص: 250 ] سؤال من جهة المخالفين الذين يحرمون ذوي الأرحام عن الميراث، وهو وجوابه ظاهران، وحاصله: إنه مرسل صحيح يقتضي الاحتجاج به.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي: أجاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عنه في القديم فقال: nindex.php?page=showalam&ids=15603ثابت قتل يوم أحد قبل أن تنزل الفرائض، ثم روى من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16108شعيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب في قصة ذكرها قال: "فلم يلبث ابن الدحداحة إلا يسيرا حتى جاءه كفار قريش يوم أحد، فخرج مع النبي -عليه السلام- فقاتلهم، فقتل شهيدا".
ثم قال: قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: نزلت الفرائض فيما بينت أصحابنا في بنات محمود بن مسلمة قتل يوم خيبر. وقيل: نزلت بعد أحد في بنات nindex.php?page=showalam&ids=3402سعد بن الربيع. وهذا كله بعد أمر ثابت بن الدحداحة .
قلت: ذكر صاحب "الاستيعاب" عن nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي قال: وبعض أصحابنا الرواة للعلم يقولون: إن ابن الدحداحة بريء من جراحاته ومات على فراشه من جرح أصابه، ثم انتقص به مرجع النبي -عليه السلام- من الحديبية.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في "الكشف لمشكل الصحيحين": اختلفت الرواة في موته، فقال بعضهم: قتل يوم أحد في المعركة، وقال آخرون: بل جرح وبرئ ومات على فراشه مرجع رسول الله -عليه السلام- من الحديبية. وهذا أصح؛ لهذا الحديث.
[ ص: 251 ] وأما ما نقله عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن آية الفرائض نزلت في بنات محمود بن مسلمة فليس هذا معروفا ولا ذكره أحد في كتب الحديث والتفسير وأسباب النزول، وإنما المذكور فيها أنها نزلت في nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أو ابنتي nindex.php?page=showalam&ids=3402سعد بن الربيع .