5930 ص: وهذه الآثار فقد جاءت على معان مختلفة، فأما ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه -، فروى عن النبي -عليه السلام- نهى عن المزارعة، ولم يبين أي مزارعة هي؟
وإن كانت تلك المزارعة التي نهي عنها هي المزارعة على الثلث والربع، وشيء غير ذلك مما يخرج مما يزرع في موضع من الأرض بعينه، فهذا مما يجمع الفريقان جميعا على فساد المزارعة عليه، وليس في حديث nindex.php?page=showalam&ids=15603ثابت هذا ما ينفي أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد معنى من هذين المعنيين بعينه دون المعنى الآخر.
ففي هذا الحديث أنه لم يجز لهم إلا أن يزرعوها بأنفسهم أو يمنحوها من أحبوا، ولم يبح لهم في هذا الحديث غير ذلك، فقد يحتمل أن يكون ذلك النهي كان على أن لا تؤاجر بثلث ولا بربع ولا بدراهم ولا بدنانير ولا بغير ذلك، فيكون المقصود إليه بذلك النهي: هو إجارة الأرض، وقد ذهب قوم إلى كراهة إجارة الأرض بالذهب والفضة.
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15551أبو بكرة ، قال: ثنا أبو عمر ، قال: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، قال: أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، قال: " كان nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس يكره كراء الأرض بالذهب والفضة".
فهذا طاوس يكره كراء الأرض بالذهب والفضة، ولا يرى بأسا بدفعها ببعض ما تخرج، وسنخبر بذلك فيما بعد إن شاء الله.
فإن كان النهي الذي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر وقع على الكراء أصلا بشيء مما تخرج وبغير ذلك، فهذا معنى يخالفه الفريقان جميعا.
وقد يحتمل أن يكون النهي وقع لمعنى غير ذلك، فنظرنا هل روى أحد عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر في ذلك شيئا يدل على المعنى الذي كان من أجله كان النهي؟
فأخبر أبو الزبير في هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بالمعنى الذي وقع النهي من أجله، وأنه إنما هو لشيء كانوا يصيبونه في الإجارة، فكأن النهي من قبل ذلك جاء، وقد يحتمل أن يكون معنى حديث ثابت بن الضحاك الذي ذكرنا كذلك، والله أعلم.
وأما حديث رافع بن خديج فقد جاء بألفاظ مختلفة اضطرب علينا من أجلها. فأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عنه فهو مثل حديث ثابت بن الضحاك: " ؛ أن رسول الله -عليه السلام- nindex.php?page=hadith&LINKID=659898نهى عن المزارعة"، فهو يحتمل أيضا ما وصفنا من معاني حديث ثابت على ما ذكرنا وبينا، وأما من رواه على مثل ما روى جابر، فيحتمل أيضا ما وصفنا مما يحتمله حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر - رضي الله عنه -.
ش: لما أخرج الأحاديث المذكورة عن أربعة أنفس من الصحابة وهم: nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج ، nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر ، وثابت بن الضحاك ، nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله - رضي الله عنهم -، وكانت مختلفة الألفاظ متباينة المعاني، ولم يكن بينا فيها ما الذي نهى عنه، ولا [ ص: 308 ] المعنى الذي وقع النهي لأجله، فلذلك كثر اختلاف أقاويل العلماء فيه، شرع الآن يبين معنى كل واحد منها، فقال: وأما ثابت بن الضحاك ... إلى آخره، وأكثره ظاهر.
فقوله: "هؤلاء المحتجون" إشارة إلى ما ذكره من قوله: "فذهب قوم إلى هذه الآثار" وهم: nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=17073ومسروق، ومن ذكرناهم معهم.
قوله: "ومخالفوهم" أراد بهم: nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبا يوسف ، nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمدا، ومن ذكرنا معهم.
قوله: "وقد ذهب قوم إلى كراهة إجارة الأرض" أراد بهم: nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس بن كيسان ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهدا ، nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد، وآخرين؛ فإنهم كرهوا إجارة الأرض بالنقدين.
وأخرج في ذلك لبيان مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس بإسناد صحيح، عن nindex.php?page=showalam&ids=15551أبي بكرة بكار القاضي ، عن أبي عمر حفص بن عمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار المكي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي فقال: أنا محمد بن عبد الله بن المبارك، نا زكرياء بن عدي، أنا nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار، قال: "كان nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس يكره أن يؤاجر أرضه بالذهب والفضة، ولا يرى بالثلث والربع بأسا...."، وإليه ذهب أهل الظاهر. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: وهذا نص قولنا.
قوله: "فإذا يونس...." إلى آخره أخرج هذا من ثلاث طرق:
الأول: عن nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى المصري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16470عبد الله بن نافع المدني -فيه مقال- عن nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد المدني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير محمد بن مسلم المكي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله .
قوله: "وبالماذيانات" قال الإمام: الماذيانات ما ينبت على الأنهار الكبار، وليس بالعربية، ولكنها سوادية، والسواقي دون الماذيانات.
وقال القاضي: ضبطنا هذا الحرف في كتاب nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بكسر الذال، وضبطناه عن بعض شيوخنا في غير nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بفتحها، قيل: هي مسالات المياه، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون: الماذيانات ما نبتت على حافتي سبيل الماء، وقيل: ما نبتت حول السواقي من الخصب.
الثاني: عن nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى أيضا، عن nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير محمد بن مسلم المكي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر .
الثالث: عن سليمان بن شعيب الكيساني ، عن عبد الرحمن بن زياد الرصاصي الثقفي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير بن معاوية ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير محمد بن مسلم المكي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر .
قوله: "من القصري" بكسر القاف والراء وصاد مهملة. وعن nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري: بفتح القاف والراء مقصور. وعن ابن الحذاء: بضم القاف مقصور، والصواب الأول، قال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد: القصارة ما بقي من الحبوب في السنبل، وقال ابن دريد: القصارة ما بقي في السنبل بعد ما يداس، وأهل الشام يسمونه: القصري.