صفحة جزء
11743 5324 - (12153) - (3\116) عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " يجتمع المؤمنون يوم القيامة، فيلهمون ذلك، فيقولون: لو استشفعنا على ربنا، فأراحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم، فيقولون: يا آدم! أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، فاشفع لنا إلى ربك يريحنا من

[ ص: 150 ] مكاننا هذا. فيقول لهم آدم: لست هناكم، ويذكر ذنبه الذي أصاب، فيستحيي ربه، ويقول: ولكن أتوا نوحا; فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض. فيأتون نوحا، فيقول: لست هناكم، ويذكر لهم خطيئته: سؤاله ربه ما ليس له به علم، فيستحيي ربه من ذلك، ولكن أتوا إبراهيم خليل الرحمن، فيأتونه، فيقول: لست هناكم، ولكن أتوا موسى، عبدا كلمه الله، وأعطاه التوراة.

فيأتون موسى، فيقول: لست هناكم، ويذكر لهم النفس التي قتل بغير نفس، فيستحيي ربه من ذلك، ولكن أتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمته وروحه، فيأتون عيسى، فيقول: لست هناكم، ولكن أتوا محمدا، عبدا كفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني " .

قال الحسن هذا الحرف: " فأقوم فأمشي بين سماطين من المؤمنين " .

قال أنس: " حتى أستأذن على ربي، فيؤذن لي، فإذا رأيت ربي، وقعت - أو خررت - ساجدا لربي، فيدعني ما شاء الله أن يدعني " . قال: " ثم يقال:
ارفع محمد! قل تسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع. فأرفع رأسي، فأحمده بتحميد يعلمنيه، ثم أشفع، فيحد لي حدا، فأدخلهم الجنة، ثم أعود إليه الثانية، فإذا رأيت ربي، وقعت - أو خررت - ساجدا لربي. فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقال: ارفع محمد، قل تسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع. فأرفع رأسي، فأحمده بتحميد يعلمنيه، ثم أشفع، فيحد لي حدا، فأدخلهم الجنة، ثم أعود إليه الثالثة، فإذا رأيت ربي، وقعت - أو خررت - ساجدا لربي، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقال: ارفع محمد، وقل تسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع. فأرفع رأسي، فأحمده بتحميد يعلمنيه، ثم أشفع فيحد لي حدا، فأدخلهم الجنة، ثم أعود الرابعة فأقول: يا رب! ما بقي إلا من حبسه القرآن " .

فحدثنا أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " فيخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله

[ ص: 151 ] إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن برة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة " .



* قوله : " فيلهمون " : من الإلهام على بناء المفعول.

* " ذلك " : إشارة إلى الكلام الآتي.

* " بعثه الله " : أي: لدعوة أهل الشرك إلى التوحيد، فلا إشكال برسالة آدم.

* " عبدا غفر الله له " : كأنه لبيان أنه لا مانع له من ذلك; فإنه على تقدير فرض ذنب منه، قد غفر له.

* " بين سماطين " : - بكسر السين - ; أي: بين صفين من الناس.

* " فيحد لي حدا " : كأن يقال: أدخل الجنة من عمل كذا وكذا.

* " فيخرج " : من الخروج، أو الإخراج على بناء المفعول.

* " من الخير " : قيل: أي: من التصديق والمعرفة، ففيه أن التصديق يزيد وينقص، وقيل: من العمل، ونسب إلى القلب; لأن قبول العمل بالنية التي هي من أعمال القلب.

* " ما يزن شعيرة " : أي: لو فرض أن الإيمان أو العمل مما يقبل الوزن، أو هو مبني على أن المعاني تتصور بصور وأشكال يومئذ، فتقبل الوزن.

* " برة " : - بضم وتشديد راء - ، وهي أصغر جرما من الشعيرة.

* " ذرة " : - بفتح وتشديد راء - ، قيل: هي النملة الصغيرة، وقيل: ما يظهر في شعاع الشمس مثل رؤوس الإبر، وقد سبق مرارا ما يتعلق بهذا الحديث.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية