قال: ثم سكت ساعة، ثم قال: "تعلموا سورة البقرة، وآل عمران؛ فإنهما الزهراوان يظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من [ ص: 343 ] طير صواف، وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب. فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك فيقول: أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك، وإن كل تاجر من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارة فيعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا فيقولان: بم كسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن. ثم يقال له: اقرأ واصعد في درجات الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام يقرأ، هذا كان، أو ترتيلا".
* قوله: "أو غيايتان": - بفتح غين مهملة -، والغياية: كل ما أظل فوق الرأس كالغمامة.
* "فرقان": - بكسر فاء وسكون راء -: جماعتان.
* "صواف": صفة "طير"؛ أي: باسطات أجنحتها، وقد سبق هذا المعنى في مسند نواس بن سمعان في الشاميين، ثم في مسند أبي أمامة الباهلي في مسند الأنصار قريبا.
* "الشاحب": أي: متغير اللون؛ لتعب صاحبه.
* "من وراء تجارته": أي: قدامه تجارته، فهو متحفظ بها.