* قوله: "يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة": قال النووي في "تهذيبه": قال صاحب "التتمة": الهدية في معنى الهبة، إلا أن غالب ما يستعمل لفظ الهدية فيما يحمل إلى إنسان أعلى منه.
وقيل: الصدقة: منحة يمنحها المانح طلبا لثواب الآخرة، تكون من الأعلى إلى الأدنى، وفيها رؤية تذلل الآخذ، والترحم عليه، بخلاف الهدية؛ فإنها منحة لا يرى فيها تذلل الآخذ، بل يطلب بها التحبب والتقرب إليه والإكرام له، انتهى.
والظاهر أن اعتبار الثواب والتقرب إلى الله تعالى في الصدقة دون الهدية لا يخلو عن خفاء؛ فإن الظاهر أن الهدية إلى مثله صلى الله عليه وسلم يقصد بها التقرب إلى الله تعالى، والثواب، وأيضا إذا اعتبر في الصدقة التقرب والثواب، فينبغي ألا تصح الصدقة قبل الإسلام، فكيف لم يبين صلى الله عليه وسلم لسلمان ذلك حين أتى بالصدقة إليه؟ والله تعالى أعلم.
والأقرب أن المعتبر في الصدقة قضاء حاجة المحتاج، ودفع فقره، وفي الهدية إكرام الغير، وإظهار التودد إليه، فصار فيها إظهار لحاجة نفسه إلى تودد ذلك الغير، ولعل هذا مراد من قال: الهدية تكون إلى أعلى منه؛ فإن المهدي كأنه المحتاج إلى تودد الغير، فهو أعلى منه من هذه الحيثية، والله تعالى أعلم.