[ ص: 297 ] أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا " ، فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبي تنازع ، فقالوا : ما شأنه ، أهجر - قال سفيان : يعني : هذى - استفهموه ، فذهبوا يعيدون عليه ، فقال : "دعوني ، فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه " ، وأمر بثلاث - وقال سفيان مرة : أوصى بثلاث - ، قال : "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم " . وسكت سعيد عن الثالثة ، فلا أدري : أسكت عنها عمدا ; وقال مرة : أو نسيها ; وقال سفيان مرة : وإما أن يكون تركها ، أو نسيها .
* قوله : "يوم الخميس " : أي : اليوم يوم الخميس ، وكأنه بهذا الكلام ذكر يوم الخميس الذي اشتد فيه مرضه ، فقال تعظيما لذلك اليوم : وما يوم الخميس ؟ ويحتمل أن يكون تقدير الأول : ذلك اليوم ; أي : يوم اشتداد مرضه يوم الخميس ، أو تقديره : يوم الخميس يوم عظيم ، أو تقديره : يوم الخميس ما يوم الخميس وما يوم الخميس ؟ على أنه من قبيل : الحاقة ما الحاقة [الحاقة : 1 - 2] ، إلا أنه كرر "ما يوم الخميس" بصورة العطف تأكيدا لتعظيمه .
قال النووي : معناه : تفخيم أمره في الشدة والمكروه فيما يعتقده nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وهو امتناع الكتاب .
* "ائتوني " : أي : بشيء يكتب فيه .
* "أكتب لكم " : أي : ألق عليكم ما تكتبونه ، ويمكن أن يقال : إنه أراد مباشرته ، إن قلنا : إنه كان يحسن الخط بتعليم الله تعالى زيادة في الإعجاز ، بعد أن تم أمر الإعجاز بكونه أميا كما جوزه بعضهم .
* "لا تضلوا " : هكذا بحذف النون في النسخ ، وهو حذف للتخفيف ، وهو شائع ، وإلا فالجملة صفة "كتابا " ، وقيل : بدل من جواب الأمر ، أو جواب ثان بلا عطف ، وقد جوز ذلك ، ويمكن أن يكون نهيا على معنى : لا تختلفوا بعده ،
[ ص: 298 ] بل اتفقوا على ما فيه ، لكن الرواية بثبوت النون كما في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم تأبى ذلك .
* "فتنازعوا " : أي : اختلفوا في إحضاره بناء على أنه رأى بعضهم أن حاله لا تساعد ذلك ، وإحضاره يكون زيادة في العنت عليه .
* "فقالوا " : أي : قال من رأى أن الإحضار أولى لمن منعه إنكارا عليه :
* "أهجر " : على بناء الفاعل ، والهمزة للإنكار ; أي : أهذى ; أي : إن كلامه ليس ككلام من يأتي بالهذيان حتى يترك العمل به ، ويمكن أن يكون - بضم الهاء - على أنه مصدر ، بتقدير : أكلامه هجر ، وهو المناسب بتفسير سفيان : يعني : هذى ; أي : أراد القائل : أهذا الكلام هجر ، على أن "هذا" اسم إشارة ، وعلى الأول فهو فعل ; كدعا ; من هذوت بمعنى : هذيت ، والشائع بالياء ، لكن الخط لا يناسبه ; لأن اليائي يكتب بالياء ، والنسخ متفقة على الألف ، والله - تعالى - أعلم .
* "استفهموه " : من لفظ الحديث ، لا من كلام سفيان .
* "فالذي أنا فيه " : من مراقبة الحق والتأهب للقائه .
* "مما تدعوني إليه " : من الاشتغال بما بينكم من الخصام .
* "وأجيزوا " : قيل : هو أمر بإجازة الوفود وضيافتهم وإكرامهم ; تطييبا لنفوسهم ، وترغيبا لغيرهم من المؤلفة ونحوهم ، وإعانة لهم على سفرهم .
* "على الثالثة " : قيل : هو تجهيز جيش أسامة - رضي الله تعالى عنه - ، وقيل : هو قوله : "لا تتخذوا قبري وثنا يعبد " .