[ ص: 311 ] فهو أحب إلى الله - تعالى - من نفسه إذا وقع في غيرها ، وهذا من باب تفضيل الشيء على نفسه باعتبارين ، وهو شائع ، وأصل اللغة في مثل هذا الكلام لا يفيد الأحبية ، بل يكفي فيه المساواة ; لأن نفي الأحبية يصدق مع المساواة ، وهذا واضح ، وعلى الوجهين لا يظهر لاستبعادهم المذكور بلفظ : "ولا الجهاد" وجه ; إذ لا يستبعد أن يكون الجهاد في هذه الأيام أحب منه في غيرها ، أو مساويا للجهاد في غيرها ، نعم لو كان المراد أن العمل الصالح في هذه الأيام مطلقا ، أي عمل كان ، حتى إن أدنى الأعمال في هذه الأيام أحب من أعظم الأعمال في غيرها ، لكان الاستبعاد موجها ، لكن كون ذاك مرادا ، بعيد لفظا ومعنى ، فلعل وجه استبعادهم أن الجهاد في هذه الأيام يخل بالحج ، فينبغي أن يكون الجهاد في غيرها أحب منه فيها ، وحينئذ قوله صلى الله عليه وسلم : "إلا رجلا" بيان لفخامة جهاده ، وتعظيم له بأنه قد بلغ مبلغا كما يكاد يتفاوت بشرف الزمان وعدمه ، والله - تعالى - أعلم .