قلت: ولعل من ينكر الرؤية يحمل هذا الحديث على الرؤية بالفؤاد، أو على الرؤية في المنام، ويؤيد الثاني ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتاني الليلة ربي - تبارك وتعالى - في أحسن صورة - قال: أحسبه قال: في المنام - ، فقال: يا محمد! هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟" الحديث بطوله، وسيذكره المصنف أيضا، فيحتمل أن يكون هذا الحديث اختصارا منه، وكان تلك رؤية منام كما يفيده النظر في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي، بل قد جاء ذلك صريحا في حديث nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ، ففيه أنه قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=939856 "إني نعست ، فاستثقلت نوما، فرأيت ربي في أحسن صورة، فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ " الحديث رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وغيره. [ ص: 25 ]
ثم القائلون بالرؤية; كصاحب "التحرير" شارح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، والنووي قد فاتهم هذا الحديث المرفوع، وإنما استدلوا على ذلك بقول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الموقوف الذي رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وغيره: أنه رأى محمد ربه، قالوا: والموقوف في مثله له حكم الرفع، وكذا عياض والحافظ ابن حجر قد فاتهما هذا الحديث المرفوع ظاهرا، نعم في رفعه نظر بناء على أنه من رواية عكرمة عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، والمشهور منه الموقوف، ومثل هذا يضعف الرفع عند قوم، والله تعالى أعلم.
وكذا روى nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن أبي سلمة، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله تعالى: ولقد رآه نزلة أخرى [النجم: 13]، أنه قال: قد رآه صلى الله عليه وسلم.
في "المجمع": فيه حفص بن عمر، ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وغيره، وقيل: ثقة.
قال الحافظ: ومنها ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله تعالى: ما كذب الفؤاد ما رأى [النجم: 11].
قال: رأى ربه بفؤاده مرتين، وله من طريق عطاء عن ابن عباس، قال: رآه بقلبه.
قلت: وللترمذي عن عكرمة، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ما كذب الفؤاد ما رأى [النجم:11]، قال: رآه بقلبه، وقال: حديث حسن.
قال الحافظ: وأصرح من ذلك ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13508ابن مردويه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: لم يره رسول الله صلى الله عليه وسلم بعينيه، إنما رآه بقلبه.
وعلى هذا فيمكن الجمع بين إثبات nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ونفي عائشة بأن يحمل نفيها على رؤية البصر، وإثباته على رؤية القلب، ومال nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة إلى ترجيح إثبات الرؤية بالبصر، وحمل ما ورد عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس على أن الرؤية وقعت مرتين: مرة بعينه، ومرة بقلبه.
قلت: وهذا الذي قاله nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة في الجمع بين ما ورد عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وإن [ ص: 27 ] جاء عن ابن عباس أيضا كما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني: أنه كان يقول: إن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه مرتين: مرة ببصره، ومرة بفؤاده.
في "المجمع": رجاله رجال الصحيح، ما عدا واحدا وثقه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان، إلا أنه يرده ما تقدم عنه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أنه: رأى ربه مرتين بفؤاده.
والجملة: فإثبات الرؤية بالعين بقول ابن عباس لا يخلو عن إشكال.
وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، فقد أنكر صاحب "الهدي " على من قال: إنه قال بالرؤية بالعين، وقال: إنه مرة قال: إنه رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه، وقال مرة: رآه بفؤاده، ثم إنه قد جاء عن nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر مرفوعا: أنه nindex.php?page=hadith&LINKID=890788قال صلى الله عليه وسلم: "نور أنى أراه؟!" - بتشديد النون - على لفظ الإنكار، رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي، وعن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: قلت: nindex.php?page=hadith&LINKID=890787يا رسول الله! هل رأيت ربك; فقال: "لا، إنما رأيت جبريل " رواه nindex.php?page=showalam&ids=13508ابن مردويه، فالقول بالرؤية بالعين مشكل. .
ولذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي: قول المحققين الوقف; إذ ليس في الباب دليل قاطع، وغاية ما استدل به للطائفتين ظواهر متعارضة قابلة للتأويل، وليست المسألة من العمليات.
قلت: والذي يتفق عليه غالب الآثار إثبات رؤية القلب، ونفي رؤية العين.
قال الحافظ ابن حجر: ليس المراد برؤية الفؤاد مجرد حصول العلم; [ ص: 28 ] لأنه صلى الله عليه وسلم كان عالما بالله على الدوام، بل مراد من أثبت له أنه رآه بالقلب: أن الرؤية التي حصلت له خلقت في قلبه كما تخلق الرؤية بالعين لغيره، والرؤية لا يشترط لها شيء مخصوص عقلا، وإن جرت العادة بخلقها في العين، انتهى، والله تعالى أعلم.