فمكث ساعة، فإذا nindex.php?page=showalam&ids=12027أبو سفيان يصيح في أسفل الجبل: اعل هبل - مرتين، يعني آلهته - أين ابن أبي كبشة؟ أين nindex.php?page=showalam&ids=1ابن أبي قحافة؟ أين nindex.php?page=showalam&ids=1ابن الخطاب؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: يا رسول الله، ألا أجيبه؟ قال: "بلى " فلما قال: اعل هبل، قال [ ص: 32 ] nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: الله أعلى وأجل. قال: فقال nindex.php?page=showalam&ids=12027أبو سفيان: يا nindex.php?page=showalam&ids=1ابن الخطاب، إنه قد أنعمت عينها، فعاد عنها، أو فعال عنها، فقال: أين ابن أبي كبشة؟ أين nindex.php?page=showalam&ids=1ابن أبي قحافة؟ أين nindex.php?page=showalam&ids=1ابن الخطاب؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر، وها أنا ذا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر. قال: فقال nindex.php?page=showalam&ids=12027أبو سفيان: يوم بيوم بدر، الأيام دول، وإن الحرب سجال. قال: فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: لا سواء، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار. قال: إنكم لتزعمون ذلك، لقد خبنا إذن وخسرنا. ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=12027أبو سفيان: أما إنكم سوف تجدون في قتلاكم مثلى ، ولم يكن ذاك عن رأي سراتنا. قال: ثم أدركته حمية الجاهلية، قال: فقال: أما إنه قد كان ذاك، لم يكرهه.
* قوله: "ما نصر الله - تبارك وتعالى - في موطن كما نصر يوم أحد": أي: ما نصر المؤمنين في موطن مثلما نصرهم يوم أحد أولا; كما يدل عليه آخر كلامه، ولكن حيث أطلق، أنكروا عليه ذلك حتى كشف لهم عن حقيقة الأمر، فعرفوا مراده.
قيل: أول من أنشب الحرب بينهم أبو عامر الفاسق، طلع في خمسين من قومه، فنادى: أنا أبو عامر، فقال المسلمون: لا مرحبا بك ولا أهلا يا فاسق، فتراموا بالحجارة هم والمسلمون حتى ولى [أبو] عامر وأصحابه، وجعل الرماة يرشقون خيلهم بالنبل، فتولي هوارب، فصاح طلحة بن أبي طلحة صاحب اللواء: من يبارز؟ فبرز له nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب، فالتقيا بين الصفين، فبدره nindex.php?page=showalam&ids=8علي فضربه على رأسه حتى فلق هامته، فوقع، وهو كبش الكتيبة، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، وأظهر التكبير، وكبر المسلمون، وشددوا على كتائب المشركين يضربونهم حتى نقضت صفوفهم. [ ص: 33 ]
ثم حمل لواءهم عثمان بن أبي طلحة، وحمل عليه حمزة، فضربه بالسيف على كاهله، فقطع يده وكتفه، ثم حمله أبو سعيد بن أبي طلحة، فرماه nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص، فأصاب حنجرته، فأدلع لسانه إدلاع الكلب، ثم قتله، ثم حمله آخر، فرماه عاصم بن أبي ثابت، فقتله، ثم آخر، فرماه عاصم أيضا فقتله، ثم حمله كلاب بن أبي طلحة، فقتله nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير، وكلما حمله واحد، قتله رجل من الصحابة، فلما قتل أصحاب اللواء، هرب المشركون، ولا يخفى أن هذا نصر عظيم، لكن ثم جرى ما أراد الله حين ترك الرماة موضعهم.
* "احموا": من حمى; كرمى; أي: منع وحفظ.
* "نقتل": على بناء المفعول.
* " فلا تشركونا": من شركه; كعلم.
* " أكب الرماة": أي: وقعوا.
* "جميعا": كان المراد: الغالب، وإلا ففي "صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري": "فأخذوا يقولون: الغنيمة الغنيمة، فقال nindex.php?page=showalam&ids=4700عبد الله - أي: ابن جبير رئيس الرماة - عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم أن لا تبرحوا، فأبوا"، وفي "شرحه " قالوا: لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا، قد انهزم المشركون، فما مقامنا هاهنا; ووقعوا ينتهبون العسكر، وثبت أميرهم عبد الله في نفر يسير دون العشرة مكانه، وقال: لا أجاوز أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونظر nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد إلى خلاء الجبل وقلة أهله، فكر بالخيل، وتبعه nindex.php?page=showalam&ids=28عكرمة بن أبي جهل، وحملوا على من بقي من الرماة، فقتلوهم وأميرهم nindex.php?page=showalam&ids=4700عبد الله بن جبير، وانتقضت صفوف المسلمين، فاستدارت رجالهم، وحالت الريح فصارت دبورا بعد أن كانت صبا. [ ص: 34 ]
* "أخل": - بتشديد اللام - .
* "تلك الخلة": - بفتح فتشديد - أي: تلك الحاجة التي هي دفع العساكر من وراء الظهر; أي: قصروا فيها; من أخل بالشيء، أو المراد بالخلة: تلك البقعة، سميت خلة; لأنها محل الخلة بمعنى الحاجة; لأنها كانت محتاجة إلى وجود العسكر فيها; أي: تركوا تلك البقعة; من أخل الرجل بمركزه; أي: تركه، وعلى الوجهين النصب بنزع الخافض.
* "وجال المسلمون " أي: انكشفوا.
* "تحت المهراس": - بكسر الميم - : صخرة منقورة تسع كثيرا من الماء، وقيل: اسم ماء بأحد.
* "فما زلنا": أراد: ما زال المسلمون، وإلا، فهو ما حضر هذه الوقعة، والله تعالى أعلم، ويحتمل أنه حكى هذا الكلام من بعض من حضر على الوجه الذي سمع منه.
* "فرقي": كرضي.
* "دموا": من التدمية.
* "اعل": - بضم همزة ولام - : أمر من علا.
* "هبل": - بضم ففتح بتقدير حرف النداء - ، وهو اسم صنم لهم; أي: كن عاليا; فقد نصرنا دينك، أو فقد نصرتنا على أعدائنا.
* "فقال عمر. . . إلخ": وفي "صحيح البخاري " أنهم ما أجابوه أولا، فقال: إن هؤلاء قتلوا، فلم يملك nindex.php?page=showalam&ids=2عمر نفسه، فقال: كذبت يا عدو الله، أبقى الله - عز وجل - عليك ما يخزيك. [ ص: 35 ]
* "قد أنعمت": على بناء الفاعل; من أنعم: إذا أجاب بنعم; أي: إنها أجابت بنعم، يريد: أنه حين أراد الخروج إلى أحد، كتب على سهم: نعم، وعلى آخر: لا، وأجالهما عند هبل، فخرج سهم نعم، فخرج إلى أحد، وكان عادتهم ذلك إذا أرادوا ابتداء فعل.
* "عنها": - جار ومجرور - أي: ابتعد وتنح عنها، لا تذكرها بسوء، فقد صدقت في فتواها.
* "أو فعاد عنها": شك فيما قال; أي: قال: عنها، فقط، أو قال: فعاد عنها على صيغة الأمر من عادى.
* "أو فعال عنها": على صيغة الأمر من عالى بمعنى: تنح عنها، هكذا في أصلنا، وهو الذي في "الترتيب "، وهو الأقرب إلى خط "المجمع "، وهو الموافق لما في "النهاية"، ففيها ذكر في موضعين بلفظ: أنعمت فعال عنها، في باب نعم وعلا.
وفي بعض الأصول: "أنعمت عينها فعاد عنها، أو فعال عنها" بلفظ العين المضاف إلى ضميرها، وإسقاط حرف الشك من قوله: "أو فعاد عنها"، والظاهر أن أنعمت حينئذ يكون على بناء المفعول من أنعم الله عينه; أي: أقرها; أي: إنها قد أقرت عينها بظهور دينها، وارتفاع أمرها، وظهور صدقها في فتواها بنعم، فتنح عنها، ويمكن على بعد أن يقال: أنعمت على بناء الفاعل بالمعنى الذي سبق، وعينها من ألفاظ التأكيد; أي: أجابت هي بنعم عينها لا شيء آخر، والله تعالى أعلم.