* قوله: "إنما الأعمال بالنية" : قال النووي - رحمه الله تعالى - : أجمع المسلمون على عظم موقع هذا الحديث، وكثرة فوائده، وصحة روايته، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رضي الله تعالى عنه - : هو ثلث الإسلام.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16349ابن مهدي وغيره: ينبغي لمن صنف كتابا أن يبدأ فيه بهذا الحديث; تنبيها للطالب على تصحيح النية، انتهى.
وأفردت النية; لكونها مصدرا، وقد جاءت الرواية بلفظ الجمع; لموافقة الأعمال.
[ ص: 125 ] وقد تكلم العلماء على هذا الحديث في أوراق، وذكروا له معاني، وإنما الذي عندي في معناه هو أحد وجهين: أحدهما: أن يقال: إن الأعمال; أي: الأفعال الاختيارية لا توجد ولا تتحقق إلا بالنية، وليس للفاعل من فعله إلا ما نوى; أي: نيته، على أن "ما" مصدرية; أي: الذي يرجع إليه من عمله نفعا أو ضررا هي النية; فإن العمل يحسب بحسبها خيرا وشرا، ويجزى المرء بحسبها على العمل ثوابا وعقابا، وإذا تقرر المقدمتان، ترتب عليهما.
والوجه الثاني: أن يجعل قوله: "إنما الأعمال بالنية" تنبيها على قاعدة شرعية هي أن العبادات لا تصح ولا توجد، أو لا تتم، أو لا تكمل إلا بالنية; أي: بنيتها اللائقة بها شرعا.
* وقوله: "وإنما لكل امرئ ما نوى": يجعل تنبيها على قاعدة أخرى; أي: ليس للعامل من عمله إلا ما قصده من خير أو شر، ويجعل قوله: "فمن كانت
[ ص: 126 ] هجرته إلى الله. . . إلخ": تفصيلا للقاعدة الثانية، لا تعلق لها بالقاعدة الأولى، وهذا أوفق بكلام غالب الشراح، وإلى الأول يشير كلام القاضي في "شرح المصباح"، والله تعالى أعلم.