* "حتى يراها جد أبيك": ظاهر السوق يفيد أن المراد: ما رأيت أبدا، كما لم يرها فلان، وأن هذه الغاية من قبيل: حتى يلج الجمل في سم الخياط [الأعراف: 40] ومعلوم أن المعصية غير الشرك لا تؤدي إلى ذلك، فإما أن يحمل على التغليظ في حقها، وإما أن يحمل على أنه علم في حقها أنها لو ارتكبت تلك المعصية، لأفضت بها إلى معصية تكون مؤدية إلى ما ذكر.
والسيوطي - رحمه الله تعالى - مشربه القول بنجاة عبد المطلب، فلذلك قال [ ص: 346 ] في "حاشية nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي": أقول: لا دلالة في هذا الحديث على ما توهمه المتوهمون؛ لأنه لو مشت امرأة مع جنازة إلى المقابر، لم يكن ذلك كفرا موجبا للخلود في النار كما هو واضح، وغاية ما في ذلك أن يكون من جملة الكبائر التي يعذب صاحبها، ثم آخر أمره إلى الجنة، وأهل السنة يؤولون ما ورد من الحديث في أهل الكبائر من أنهم لا يدخلون الجنة بأن المراد: لا يدخلونها مع السابقين الذين يدخلونها أولا بغير عذاب، فغاية ما يدل عليه الحديث المذكور هو أنها لو بلغت معهم الكدى، لم تر الجنة مع السابقين، بل يتقدم ذلك عذاب أو شدة، أو ما شاء الله تعالى من أنواع المشاق، ثم يؤول أمرها إلى دخول الجنة قطعا، ويكون عبد المطلب كذلك، لا يرى الجنة مع السابقين، بل يتقدم ذلك الامتحان وحده، أو مع مشاق أخر، ويكون معنى الحديث: لم تري الجنة حتى يجيء الوقت الذي يراها فيه عبد المطلب، فترينها حينئذ، فتكون رؤيتك لها متأخرة عن رؤية غيرك من السابقين، هذا مدلول الحديث على قواعد أهل السنة، لا معنى له غير ذلك على قواعدهم، والذي سمعته من شيخنا شيخ الإسلام شرف الدين المناوي، وقد سئل عن عبد المطلب، فقال: هو من أهل الفترة الذين لم تبلغهم الدعوة، وحكمهم في المذهب معروف، انتهى كلام السيوطي - رحمه الله تعالى - والله تعالى أعلم.