* قوله: " قد أفلس ": يقال: أفلس الرجل: إذا صار إلى حال لا فلوس له،أو صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير، وحقيقته الانتقال من اليسر إلى العسر، قيل: المفلس لغة: من لا عين له ولا عرض، وشرعا: من قصر ما بيده عما عليه من الديون، والمراد: أنه إذا باع ماله من رجل، ولم يقبض من ثمنه شيئا، فأفلس الرجل، فهو أحق بماله، فيجوز له أن يأخذه بعينه، ولا يكون مشتركا بينه وبين الغرماء، وبهذا يقول الجمهور خلافا للحنفية، فقالوا: إنه كالغرماء; لقوله تعالى: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة [ البقرة: 280 ]، ويحملون الحديث على ما إذا أخذه على سوم الشراء، أو على البيع بشرط الخيار للبائع; أي: إذا كان الخيار للبائع; والمشتري مفلس ، فالأنسب له أن يختار الفسخ، وهو تأويل بعيد. [ ص: 42 ] وقولهم: إن الله لم يشرع للدائن عند الإفلاس إلا الانتظار، جوابه: إن الانتظار فيما لا يوجد عند المفلس، ولا كلام فيه، وإنما الكلام فيما وجد عند المفلس، ولا بد أن الدائنين يأخذون ذلك الموجود عنده، والحديث يبين أن الذي يأخذ هذا الموجود هو صاحب المال، ولا يجعل مقسوما بين تمام الدائنين، وهذا لا يخالف القرآن، ولا يقتضي القرآن خلافه، والله تعالى أعلم. * * *