* قوله: " إذا استيقظ أحدكم من نومه ": الظاهر أن المقصود: إذا شك أحدكم في يديه مطلقا، سواء كان لأجل الاستيقاظ من النوم، أو لأمر آخر، إلا أنه فرض الكلام في جزئي واقع بينهم على كثرة; ليكون بيان الحكم فيه بيانا للكلي بدلالة العقل، ففيه إحالة للأحكام إلى الاستنباط، ونوطه بالعلل. قالوا في بيان سبب الحديث: إن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالأحجار، وبلادهم حارة، فإذا نام أحدهم، عرق، فلا يأمن حالة النوم أن تطوف يده على ذلك الموضع النجس، فنهاهم عن إدخال يده في الماء .
* " فلا يغمس ": - بالتخفيف - ; من باب ضرب هو المشهور، ويحتمل أن يكون - بالتشديد - من باب التفعيل; أي: فلا يدخل في إنائه; أي: الظرف فيه الماء أو غيره [من] المائعات، قالوا: هو نهي أدب، وتركه إساءة، ولا يفسد الماء، وجعله أحمد للتحريم .
* وقوله: " حتى يغسلها ": أي: ندبا; بشهادة التعليل:* بقوله: " فإنه لا يدري أين باتت يده ": لأنه غايته الشك في نجاسة اليدين، والوجوب لا يبنى على الشك، وعند أحمد وجوبا، ولا يبعد من الشارع الإيجاب لرفع الشك. وفي الحديث دلالة على أن الإنسان ينبغي له الاحتياط في ماء الوضوء، واستدل به على أن الماء القليل يتنجس بوقوع النجاسة، وإن لم تتغير أحد أوصافه. وفيه: أنه يجوز أن يكون النهي لاحتمال الكراهة، لا لاحتمال النجاسة; إذ يجوز أن يقال: الوضوء بما وقع فيه من النجاسة مكروه، فجاء النهي عند الشك [ ص: 135 ] في النجاسة تحرزا عن الوقوع في هذه الكراهة على تقدير النجاسة، وأيضا يمكن أن يكون النهي بناء على احتمال أن يتغير الماء بما على اليدين من النجاسة، فيتنجس، فمن أين علم أنه يتنجس الماء بوقوع النجاسة مطلقا؟ ويؤخذ من الحديث أن النجاسة غير المرئية يغسل محلها لإزالتها ثلاث مرات; إذ ما شرع ثلاث مرات عند توهمها ثلاث مرات لإزالتها، والله تعالى أعلم .