* قوله : "وتفرق أمتي"؛ قالوا: المراد: أمة الإجابة، وهم أهل القبلة؛ فإن اسم الأمة مضافا إليه صلى الله عليه وسلم ينصرف إلى أمة الإجابة عرفا، والمراد: تفرقهم في الأصول والعقائد، لا في الفروع والعمليات.
قال الإمام أبو منصور: قد علم أصحاب المقالات أنه صلى الله عليه وسلم لم يرد بالفرق المذمومة المختلفين في فروع الفقه من أبواب الحلال والحرام، وإنما قصد بالذم من خالف أهل الحق في أصول التوحيد، وفي تقدير الخير والشر في موالاة الصحابة، وما جرى مجرى هذه الأبواب؛ لأن المختلفين فيها قد أكفر بعضهم بعضا؛ بخلاف النوع الأول؛ فإنهم اختلفوا فيه من غير تفسيق وتكفير للمخالف فيه، فرجع تأويل الحديث في افتراق الأمة إلى هذا النوع من الاختلاف، وقد حدث في آخر أيام الصحابة خلاف القدرية من معبد الجهني وأتباعه، وتبرأ منهم المتأخرون من الصحابة؛ كعبد الله بن عمر، وجابر، وأنس، ونحوهم، ثم حدث الخلاف بعد ذلك شيئا فشيئا، إلى أن تكاملت الفرق الضالة اثنتين وسبعين فرقة، والثالثة والسبعون هم أهل السنة والجماعة، وهي الفرقة الناجية، ثم سرد أسماءهم وعقائدهم، انتهى.