ولا أدري لعله قد قال: " تخطف الناس، وحسكة تنبت بنجد يقال لها: السعدان"، قال: ونعتها لهم. قال: "فأكون أنا وأمتي لأول من مر أو أول من يجيز"، قال: " فيمرون عليه مثل البرق، ومثل الريح، ومثل أجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم، ومخدوش مكلم، ومكدوس في النار، فإذا قطعوه - أو فإذا جاوزوه - فما أحدكم في حق يعلم أنه حق له بأشد مناشدة منهم في إخوانهم الذين سقطوا في النار، يقولون: أي رب! كنا نغزو جميعا، ونحج جميعا، ونعتمر جميعا، فيم نجونا اليوم وهلكوا؟ ". قال: "فيقول الله - عز وجل - : انظروا من كان في قلبه زنة دينار من إيمان فأخرجوه". قال: "فيخرجون"، قال: "ثم يقول: من كان في قلبه زنة قيراط من إيمان فأخرجوه"، قال: "فيخرجون"، قال: "ثم يقول: من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجوه"، قال: "فيخرجون". قال: ثم يقول nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد: بيني وبينكم كتاب الله. قال عبد الرحمن: وأظنه يعني قوله: وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين [الأنبياء: 47]، قال: "فيخرجون من النار فيطرحون في نهر يقال له: نهر الحيوان، فينبتون كما تنبت الحب في حميل السيل، ألا ترون ما يكون من النبت إلى الشمس يكون أخضر، وما يكون إلى الظل يكون أصفر؟ "، قالوا: يا رسول الله! كأنك كنت قد رعيت الغنم؟ قال: "أجل قد رعيت الغنم".
* قوله : "فليتبعه": هو من اتبع - بالتشديد - ، أو أتبع بالتخفيف.
* "الذين كانوا يعبدون الأوثان": كأن المراد بها: الشياطين والطواغيت دون الأصنام، والله تعالى أعلم.
* "وكل ما كان يعبد": الظاهر أنه على بناء المفعول، وفي بعض النسخ: "من كان"، وظاهره أنه على بناء الفاعل، وكل منهما يحتمل العكس، وعلى الوجهين، ففي الكلام تقدير؛ أي: كل معبود من دون الله يتبعه عابدوه حتى يتساقطون، أو كل عابد من دون الله يتبع معبوده حتى يتساقطون.
[ ص: 401 ]
* "فيأتيهم الله"؛ أي: يظهر لهم بوجه لا يعرفون أنه هو، وقد سبق تحقيق ذلك في مسند أبي هريرة قريبا.
* "فيكشف عن ساق": على بناء الفاعل أو المفعول.
قال النووي: الجمهور على أن الساق هي الشدة؛ أي: يكشف عن شدة وأمر مهول، وهذا مثل تضربه العرب لشدة الأمر؛ وذلك لأن الإنسان إذا وقع في أمر شديد، يقال: كشف عن ساقه؛ للاهتمام به، وقيل: المراد هاهنا: نور عظيم، وقيل: هي علامة بينه تعالى وبين المؤمنين، وقيل: المراد: كشف الخوف وإزالة الرعب عنهم، فتطمئن نفوسهم حينئذ.
* "وإنه لدحض": بفتح دال وسكون حاء مهملة بتنوين.
* "مزلة": بفتح ميم وبفتح زاي أو كسرها، ومعناهما جميعا: الموضع الذي تزل وتزلق فيه الأقدام ولا تستقر.
* "لكلاليب": جمع كلوب، بفتح الكاف وضم اللام المشددة: هي الخطاطيف، وهي جمع خطاف, بضم الخاء المعجمة وتشديد الطاء المهملة، وهو حديدة معطوفة الرأس يعلق عليها اللحم، ويرسل في التنور.
* "وحسكة": بفتحتين، وهو شوك صلب.
* "فأكون أنا وأمتي": يحتمل أن المراد: أنه أول نبي، وأمته أول أمة في المرور، فلا يلزم تقدم غير الأنبياء عليهم، أو يقال: هو فضل جزئي، فيجوز، أو يقال: إنهم يتقدمون تبعا، ومثله لا يعد فضلا للتابع، بل هو فضل للمتبوع.
* "مسلم": بفتح اللام المشددة.
* "ومخدوش"؛ أي: من قشر جلده.
* "مكلم": بفتح اللام المشددة؛ أي: مجروح.
[ ص: 402 ]
* "ومكدوس": جاء بالمهملة بمعنى: ملقى في جهنم على التتابع، وبالمعجمة بمعنى: مسوق إليها.
قال النووي: أي: إنهم ثلاثة أقسام: قسم يسلم، فلا يناله شيء أصلا، وقسم يجرح، ثم يخلص، وقسم يسقط في جهنم.
* "بأشد مناشدة"؛ أي: أكثر مسألة ممن عليه الحق، أو من الله في خلاصه منه.
* "فبم نجونا؟"؛ أي: فبأي سبب حصل الفراق بيننا، مع أن مقتضى الرحمة أنك كما جمعتنا على الخير هناك، تجمعنا هاهنا على جزائه وتغفر مسيئنا لمحسننا؟
* "زنة دينار من إيمان"؛ قيل: المراد به ظاهره، وقال عياض: والصحيح
أن المراد به: شيء زائد على مجرد الإيمان؛ لأن مجرد الإيمان الذي هو التصديق لا يتجزأ، وإنما هذا التجزيء لشيء زائد عليه؛ من عمل صالح، أو ذكر خفي، أو عمل من أعمال القلب؛ من شفقة على مسكين، أو خوف من الله تعالى، أو نية صادقة.
* "بيني وبينكم"؛ أي: إن لم تصدقوني في صحة الرواية.