صفحة جزء
3195 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : ثنا عثمان بن عمر بن فارس ، قال : ثنا شعبة ، عن خالد الحذاء ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثله .

قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث ، أن هذين الشهرين ، لا ينقصان ، فتكلم الناس في معنى ذلك .

فقال قوم : لا ينقصان ، أي لا يجتمع نقصانهما في عام واحد .

وقد يجوز أن ينقص أحدهما .

وهذا قول قد دفعه العيان ؛ لأنا قد وجدناهما ينقصان في أعوام ، وقد يجمع ذلك في كل واحد منهما .

فدفع ذلك قوم ، بهذا وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قد ذكرناه في غير هذا الموضع ، أنه قال في شهر رمضان : [ ص: 59 ] صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين .

وبقوله : إن الشهر قد يكون تسعا وعشرين ، وقد يكون ثلاثين .

فأخبر أن ذلك جائز في كل شهر من الشهور ، وسنذكر ذلك بإسناده في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله .

وذهب آخرون إلى تصحيح هذه الآثار كلها ، وقالوا : أما قوله : صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته فإن الشهر قد يكون تسعا وعشرين ، وقد يكون ثلاثين ، فذلك كله كما قال ، وهو موجود في الشهور كلها .

وأما قوله : شهرا عيد لا ينقصان ، رمضان وذو الحجة ، فليس ذلك - عندنا - على نقصان العدد ، ولكنهما فيهما ما ليس في غيرهما من الشهور ، في أحدهما الصيام ، وفي الآخر الحج .

فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهما لا ينقصان ، وإن كانا تسعا وعشرين ، وهما شهران كاملان ، كانا ثلاثين ثلاثين أو تسعا وعشرين تسعا وعشرين ، ليعلم بذلك أن الأحكام فيهما ، وإن كانا تسعا وعشرين تسعا وعشرين ، متكاملة فيهما ، غير ناقصة عن حكمها إذا كانا ثلاثين ثلاثين .

فهذا وجه تصحيح هذه الآثار التي ذكرناها في هذا الباب ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية