صفحة جزء
3251 - حدثنا يونس ، قال : أنا ابن وهب ، أن مالكا أخبره ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أصوم في السفر ؟ وكان كثير الصيام .

فقال له النبي : إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر
.

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أباح الصوم في السفر لمن شاء ذلك ، والفطر لمن شاء ذلك .

فثبت بهذا وبما ذكرناه قبله أن صوم رمضان في السفر جائز .

وذهب قوم إلى أنه لا فضل لمن صام رمضان في السفر ، على من أفطر وقضاه بعد ذلك .

وقالوا : ليس أحدهما أفضل من الآخر ، واحتجوا في ذلك بتخيير النبي صلى الله عليه وسلم حمزة بن عمرو بين الإفطار في السفر والصوم ، ولم يأمره بأحدهما دون الآخر .

وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : الصوم في السفر في شهر رمضان أفضل من الإفطار .

[ ص: 70 ] وقالوا لأهل المقالة التي ذكرنا : ( ليس فيما ذكرتموه من تخيير النبي صلى الله عليه وسلم لحمزة ، بين الصوم في السفر والفطر ، دليل على أنه ليس أحدهما أفضل من الآخر ، ولكن إنما خيره بما له أن يفعله من الإفطار والصوم ، وقد رأينا شهر رمضان يجب بدخوله الصوم على المسافرين والمقيمين جميعا إذا كانوا مكلفين ) .

فلما كان دخول رمضان هو الموجب للصيام عليهم جميعا ، كان من عجل منهم أداء ما وجب عليه أفضل ممن أخره .

فثبت بما ذكرنا أن الصوم في السفر أفضل من الفطر ، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد رحمهم الله .

وقد روي ذلك أيضا عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، وعن نفر من التابعين .

التالي السابق


الخدمات العلمية