صفحة جزء
3915 - وقد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا حماد ، قال : أنا حميد ، عن بكر بن عبد الله ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قدموا مكة ملبين بالحج .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شاء فليجعلها عمرة إلا من كان معه الهدي
.

فأخبر ابن عمر رضي الله عنهما في حديث بكر هذا ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مكة ، وهو ملب بالحج .

وقد أخبر في حديث سالم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ ، فأحرم بالعمرة .

فهذا معناه - عندنا ، والله أعلم - أنه كان أحرم أولا بحجة ، على أنها حجة ، ثم فسخها فصيرها عمرة ، فلبى بالعمرة ، ثم تمتع بها إلى الحج ، حتى يصح حديث سالم وبكر هذين ، ولا يتضادان .

وفسخ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج الذي كان فعله وأمر به أصحابه ، هو بعد طوافهم بالبيت . قد ذكرنا ذلك في باب فسخ الحج ، فأغنانا ذلك عن إعادته ههنا .

فاستحال بذلك أن يكون الطواف الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله للعمرة ، التي انقلبت إليها حجته مجزيا عنه ، من طواف حجته التي أحرم بها بعد ذلك .

ولكن وجه ذلك عندنا - والله أعلم - أنه لم يطف لحجته قبل يوم النحر ؛ لأن الطواف الذي يفعل قبل يوم النحر في الحجة ، إنما يفعل للقدوم ، لا لأنه من صلب الحجة .

فاكتفى ابن عمر رضي الله عنهما بالطواف الذي كان فعله بعد القدوم في عمرته عن إعادته في حجته .

وهذا مثل ما قد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا من فعله .

التالي السابق


الخدمات العلمية