4140 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس قال : أنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا حدثه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12أبيه ، أنه قال :
من حبس دون البيت بمرض ، فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت ، وبين الصفا والمروة .
فلما وقع في هذا ، هذا الاختلاف ، وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث
الحجاج بن عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة رضي الله عنهم ما ذكرنا من قوله - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - : " من كسر أو عرج فقد حل ، وعليه حجة أخرى " ، ثبت بذلك أن الإحصار يكون بالمرض ، كما يكون بالعدو .
فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار .
وأما وجهه من طريق النظر ، فإنا قد رأيناهم أجمعوا أن إحصار العدو ، يجب به للمحصر الإحلال كما قد ذكرنا .
واختلفوا في المرض ، فقال قوم : حكمه حكم العدو في ذلك ، إذا كان قد منعه من المضي في الحج ، كما منعه العدو .
وقال آخرون : حكمه بائن من حكم العدو .
فأردنا أن ننظر ما أبيح بالضرورة من العدو ، هل يكون مباحا بالضرورة بالمرض أم لا ؟
فوجدنا الرجل إذا كان يطيق القيام ، كان فرض أن يصلي قائما ، وإن كان يخاف إن قام أن يعاينه العدو فيقتله ، أو كان العدو قائما على رأسه ، فمنعه من القيام ، فكل قد أجمع أنه قد حل له أن يصلي قاعدا ، وسقط عنه فرض القيام .
[ ص: 253 ] وأجمعوا أن رجلا لو أصابه مرض أو زمانة ، فمنعه ذلك من القيام ، أنه قد سقط عنه فرض القيام ، وحل له أن يصلي قاعدا ، يركع ويسجد إذا أطاق ذلك ، أو يومي إن كان لا يطيق ذلك .
فرأينا ما أبيح له من هذا بالضرورة من العدو ، قد أبيح له بالضرورة من المرض ، ورأينا الرجل إذا حال العدو بينه وبين الماء ، سقط عنه فرض الوضوء ، ويتيمم ويصلي .
فكانت هذه الأشياء التي قد عذر فيها بالعدو ، قد عذر فيها أيضا بالمرض ، وكان الحال في ذلك سواء .
ثم رأينا الحاج المحصر بالعدو ، قد عذر فجعل له في ذلك أن يفعل ما جعل للمحصر أن يفعل ، حتى يحل ، واختلفوا في المحصر بالمرض .
فالنظر على ما ذكرنا من ذلك أن يكون ما وجب له من العذر بالضرورة بالعدو ، يجب له أيضا بالضرورة بالمرض ، ويكون حكمه في ذلك سواء ، كما كان حكمه في ذلك أيضا سواء ، في الطهارات ، والصلوات .
ثم اختلف الناس بعد هذا في المحرم بعمرة ، يحصر بعدو أو بمرض .
فقال قوم : يبعث بهدي ويواعدهم أن ينحروه عنه ، فإذا نحر حل .
وقال آخرون : بل يقيم على إحرامه أبدا ، وليس لها وقت كوقت الحج .
وكان من الحجة للذين ذهبوا إلى أنه يحل منها بالهدي ، ما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول هذا الباب ، لما أحصر بعمرة زمن الحديبية ، حصرته كفار قريش ، فنحر الهدي ، وحل ، ولم ينتظر أن يذهب عنه الإحصار ، إذ كان لا وقت لها كوقت الحج ، بل جعل العذر في الإحصار بها ، كالعذر في الإحصار بالحج .
فثبت بذلك أن حكمها في الإحصار فيهما سواء ، وأنه يبعث الهدي حتى يحل به مما أحصر به منهما .
إلا أن عليه في العمرة قضاء عمرة ، مكان عمرته ، وعليه في الحجة ، حجة مكان حجته وعمرة لإخلاله .
وقد روينا في العمرة أنه قد يكون المحرم محصرا بها ، ما قد تقدم في هذا الباب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار .
وأما النظر في ذلك ، فإنا قد رأينا أشياء قد فرضت على العباد ، مما جعل لها وقت خاص ، وأشياء فرضت عليهم ، مما جعل الدهر كله وقتا لها .
منها الصلوات ، فرضت عليهم في أوقات خاصة ، تؤدى في تلك الأوقات بأسباب متقدمة لها ، من التطهر بالماء ، وستر العورة .
ومنها الصيام في كفارات الظهار وكفارات الصيام ، وكفارات القتل ، جعل ذلك على المظاهر ، والقاتل
[ ص: 254 ] لا في أيام بعينها ، بل جعل الدهر كله وقتا لها ، وكذلك كفارة اليمين جعلها الله عز وجل على الحانث في يمينه ، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة .
ثم جعل الله عز وجل من فرض عليه الصلوات بالأسباب التي يتقدم ، والأسباب المفعولة فيها في ذلك ، عذرا إذا منع منه .
فمن ذلك ما جعل له في عدم الماء ، من سقوط الطهارة بالماء والتيمم .
ومن ذلك ما جعل للذي منع من ستر العورة أن يصلي بادي العورة .
ومن ذلك ما جعل لمن منع من القبلة أن يصلي إلى غير قبلة .
ومن ذلك ما جعل للذي منع من القيام ، أن يصلي قاعدا ، يركع ويسجد ، فإن منع من ذلك أيضا ، أومى إيماء ، فجعل له ذلك .
وإن كان قد بقي عليه من الوقت ما قد يجوز أن يذهب عنه ذلك العذر ، ويعود إلى حاله قبل العذر ، وهو في الوقت ، لم يفته .
وكذلك جعل لمن لا يقدر على الصوم في الكفارات التي أوجب الله عز وجل عليه فيها الصوم ، لمرض حل به مما قد يجوز برؤه منه بعد ذلك ، ورجوعه إلى حال الطاقة لذلك الصوم ، فجعل ذلك له عذرا في إسقاط الصوم عنه به ، ولم يمنع من ذلك إذا كان ما جعل عليه من الصوم لا وقت له .
وكذلك فيما ذكرنا من الإطعام في الكفارات والعتق فيها ، والكسوة ، إذا كان الذي فرض ذلك عليه معدما .
وقد يجوز أن يجد بعد ذلك ، فيكون قادرا على ما أوجب الله عز وجل عليه من ذلك ، من غير فوات لوقت شيء مما كان أوجب عليه فعله فيه .
فلما كانت هذه الأشياء يزول فرضها بالضرورة فيها ، وإن كان لا يخاف فوت وقتها ، فجعل ذلك ما خيف فوت وقته ، سواء من الصلوات في أواخر أوقاتها ، وما أشبه ذلك .
فالنظر على ما ذكرنا أن يكون كذلك العمرة ، وإن كان لا وقت لها أن يباح في الضرورة فيها ، ما يباح بالضرورة في غيرها ، مما له وقت معلوم .
فثبت بما ذكرنا ، قول من ذهب إلى أنه قد يكون الإحصار بالعمرة ، كما يكون الإحصار بالحج سواء .
وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف ،
nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهم الله تعالى .
ثم تكلم الناس بعد هذا في المحصر إذا نحر هديه ، هل يحلق رأسه أم لا ؟
فقال قوم : ليس عليه أن يحلق ؛ لأنه قد ذهب عنه النسك كله ، وممن قال ذلك ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله .
وقال آخرون : بل يحلق ، فإن لم يحلق حل ولا شيء عليه ، وممن قال ذلك ،
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف رحمه الله .
وقال آخرون : يحلق ويجب ذلك عليه ، كما يجب على الحاج والمعتمر .
[ ص: 255 ] فكان من حجة
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد - رحمهما الله - في ذلك ، أنه قد سقط عنه بالإحصار ، جميع مناسك الحج ، من الطواف والسعي بين
الصفا والمروة ، وذلك مما يحل المحرم به من إحرامه .
ألا ترى أنه إذا طاف
بالبيت يوم النحر ، حل له أن يحلق ، فيحل له بذلك الطيب ، واللباس ، والنساء .
قالوا : فلما كان ذلك مما يفعله ، حتى يحل ، فسقط ذلك عنه كله بالإحصار ، سقط أيضا عنه سائر ما يحل به المحرم بسبب الإحصار ، هذه حجة
nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد - رحمهما الله تعالى - .
وكان من حجة الآخرين عليهما في ذلك أن تلك الأشياء من الطواف
بالبيت ، والسعي بين
الصفا والمروة ، ورمي الجمار ، قد صد عنه المحرم ، وحيل بينه وبينه ، فسقط عنه أن يفعله .
والحلق لم يحل بينه وبينه ، وهو قادر على أن يفعله .
فما كان يصل إلى أن يفعله ، فحكمه فيه في حال الإحصار ، كحكمه فيه حال الإحصار .
وما لا يستطيع أن يفعله في حال الإحصار ، فهو الذي يسقط عنه بالإحصار ، فهو النظر عندنا .
وإذا كان حكمه في وقت الحلق عليه ، وهو محصر ، كحكمه في وجوبه عليه وهو غير محصر ، كان تركه إياه أيضا وهو محصر ، كتركه إياه وهو غير محصر . وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما قد دل على أن حكم الحلق باق على المحصرين ، كما هو على من وصل إلى
البيت .