صفحة جزء
4472 - حدثنا فهد وحسين بن نصر ، قالا : ثنا أحمد بن يونس ، قال : ثنا زهير ، قال : ثنا موسى بن عقبة ، قال : حدثني نافع أن عبد الله بن عمر ، ثم ذكر مثله .

فقد أخبر سالم ونافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما في هذه الآثار ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم تطهر .

فزاد ذلك على ما في الآثار الأول ، فهو أولى منها .

فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار .

وأما وجهه من طريق النظر ، فإنا وجدنا الأصل في ذلك أن الرجل نهي أن يطلق امرأته حائضا ، ونهي أن يطلقها في طهر قد طلقها فيه ، وقد نهي عن الطلاق في الطهر الذي قد طلقها فيه ، كما نهي عن الطلاق في الحيض .

ثم رأيناهم لا يختلفون ، في رجل جامع امرأته حائضا ، ثم أراد أن يطلقها للسنة ، أنه ممنوع من ذلك حتى تطهر من هذه الحيضة التي كان الجماع فيها ، ومن حيضة أخرى بعدها ، وجعل جماعه إياها في الحيضة ، كجماعه إياها في الطهر الذي يعقب تلك الحيضة .

فلما كان حكم الطهر الذي بعد كل حيضة ، كحكم نفس الحيضة في وقوع الطلاق في الجماع في ذلك ، وكان من جامع امرأته وهي حائض ، فليس له أن يطلقها بعد ذلك ، حتى يكون بين ذلك الجماع وبين الطلاق الذي يوقعه حيضة كاملة مستقبلة .

كان كذلك في النظر أنه إذا طلق امرأته وهي حائض ، ثم أراد بعد ذلك أن يطلقها ، لم يكن له ذلك حتى يكون بين الطلاق الأول الذي كان طلقها إياه ، وبين طلاقه إياها الثاني حيضة مستقبلة .

فهذا وجه النظر - عندنا - في هذا الباب مع موافقة الآثار ، وهو قول أبي يوسف رحمة الله عليه .

وفي منع النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر ، أن يطلق امرأته بعد الطلاق الأول ، حتى يكون بعد ذلك حيض مستقبلة ، فيكون بين التطليقتين حيضة مستقبلة ، دليل أن حكم طلاق السنة أن لا يجمع منه تطليقتان في طهر واحد .

فافهم ذلك ؛ فإنه قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمة الله عليهم أجمعين .

التالي السابق


الخدمات العلمية