صفحة جزء
5523 - حدثنا فهد ، قال : ثنا موسى بن إسماعيل ، قال : ثنا وهيب ، عن عطاء عن حكيم بن أبي يزيد أنه جاءه في حاجة ، قال : فحدثني عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : دعوا الناس ، فليصب بعضهم من بعض ، وإذا استنصح أحدكم أخاه ، فلينصح له .

فعلمنا بذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى الحاضر أن يبيع للبادي ، لأن الحاضر يعلم أسعار الأسواق فيستقصي على الحاضرين ، فلا يكون لهم في ذلك ربح ، وإذا باعهم الأعرابي على غرته وجهله بأسعار الأسواق ، ربح عليه الحاضرون . فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخلى بين الحاضرين وبين الأعراب في البيوع ، ومنع الحاضرين أن يدخلوا عليهم في ذلك .

[ ص: 12 ] فإذا كان ما وصفنا كذلك ، وثبت إباحة التلقي الذي لا ضرر فيه ، بما وصفنا من الآثار التي ذكرنا ، صار صار شرى المتلقي منهم ، شرى حاضر من باد ، فهو داخل في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض " وبطل أن يكون في ذلك خيار للبائع ، لأنه لو كان له فيه خيار ، إذا لما كان للمشتري في ذلك ربح ، ولا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - حاضرا أن يعترض عليه ، ولا أن يتولى البيع للبادي منه ، لأنه يكون بالخيار في فسخ ذلك البيع ، أو يرد له ثمنه إلى الأثمان التي تكون في بياعات أهل الحضر ، بعضهم من بعض .

ففي منع النبي - صلى الله عليه وسلم - الحاضرين من ذلك ، إباحة الحاضرين التماس غرة البادين في البيع منهم ، والشراء منهم . وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد - رحمة الله عليهم أجمعين - .

التالي السابق


الخدمات العلمية