صفحة جزء
6821 - وكما قال في تلقيح النخل : ما أظن أن ذلك يغني شيئا ، فتركوه ونزعوا عنه ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنما هو ظن ظننته ، إن كان يغني شيئا فليصنعوه ، فإنما أنا بشر مثلكم ، وإنما هو ظن ظننته ، والظن يخطئ ويصيب ، ولكن ما قلت : قال الله عز وجل ، فلن أكذب على الله حدثنا بذلك يزيد بن سنان قال : ثنا أبو عامر ، قال : ثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن موسى بن طلحة ، عن أبيه .

فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ما قاله من جهة الظن ، فهو كسائر البشر في ظنونهم ، وأن الذي يقوله عن الله عز وجل ، فهو الذي لا يجوز خلافه .

وكانت الرؤيا إنما تعبر بالظن والتحري ، وقد روي ذلك عن محمد بن سيرين ، واحتج بقول الله عز وجل : وقال للذي ظن أنه ناج منهما .

فلما كان التعبير من هذه الجهة التي لا حقيقة فيها ، كره رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ، أن يقسم عليه ؛ ليخبره بما يظنه صوابا ، على أنه عنده كذلك ، وقد يكون في الحقيقة بخلافه .

ألا ترى أن رجلا لو نظر في مسألة من الفقه ، واجتهد ، فأداه اجتهاده إلى شيء وسعه القول به ، ورد ما خالفه ، وتخطئة قائله ، إذا كانت الدلائل التي بها يستخرج الجواب في ذلك ، رافعة له .

ولو حلف على أن ذلك الجواب صواب ، كان مخطئا ؛ لأنه لم يكلف إصابة الصواب ، فيكون ما قاله ، هو الصواب ، ولكنه كلف الاجتهاد .

وقد يؤديه الاجتهاد إلى الصواب وإلى غير الصواب ، فمن هذه الجهة ، كره رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الحلف عليه ؛ ليخبره بصوابه ما هو ، لا من جهة كراهية القسم .

وقد روي في ذلك ما يدل على ما ذكرناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية