صفحة جزء
7299 - حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا روح ، عن ابن عون ، عن محمد ، بنحوه .

فهذا أكثر من روينا عنه من التابعين قد وافق قوله قول ابن مسعود رضي الله عنه .

ولما اختلف في التكبير في صلاة العيدين هذا الاختلاف ، أردنا أن ننظر في ذلك لنستخرج من أقاويلهم هذه قولا صحيحا .

فنظرنا في ذلك فلم يرو عن أحد منهم أنه فرق بين الصلاة في الفطر والأضحى غير علي رضي الله عنه ، وكانت صلاة الفطر وصلاة النحر صلاتي عيد مفعولتين لمعنى واحد ، وهما مستويتان في ركوعهما وسجودهما .

فكان النظر أن يكونا سواء ، لا اختلاف بين إحداهما وبين الأخرى في سائر حكمهما .

فثبت بما ذكرنا التسوية بين الصلاتين في يوم النحر ويوم الفطر .

ثم نظرنا في عدد التكبير فيهما فرأينا سائر الصلوات خالية من هذا التكبير ، ورأينا صلاة العيدين قد أجمع أن فيهما تكبيرات زائدة على غيرهما من الصلوات .

فكان النظر أن لا يزاد في الصلاة للعيدين على ما في سائر الصلوات غيرهما ، إلا ما اتفق على زيادته ، فكل قد أجمع على زيادة التسع تكبيرات على ما ذهب إليه ابن مسعود ، وحذيفة ، وابن عباس ، وأبو موسى ، ومن سمعنا معهم رضي الله عنهم .

واختلفوا في الزيادة على ذلك فزدنا في هذه الصلاة ما اتفق على زيادته فيها ، ونفينا عنها ما لم يتفق على زيادته فيها .

فثبت بذلك ما ذهب إليه أهل هذه المقالة .

ثم نظرنا في موضع القراءة منها ، فقال الذين ذهبوا إلى أنها في الركعة الأولى بعد التكبير ، وفي الثانية كذلك : قد رأيناكم قد اتفقتم ونحن ، أن القراءة في الركعة الأولى مؤخرة عن التكبير ، فالنظر أن تكون في الثانية كذلك .

فكان من الحجة عليهم لأهل المقالة الأخرى أن التكبير ذكر يفعل في الصلاة وهو غير القراءة .

فنظرنا في موضع الذكر من الركعة الأولى من الصلاة ، ومن الركعة الثانية ، أين موضعه ؟

فوجدنا الركعة الأولى فيها الاستفتاح والتعوذ على ما قد روينا في غير هذا الموضع من كتابنا هذا [ ص: 351 ] عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعمن رويناه عنه من أصحابه رضي الله عنهم ، فكان ذلك في أول الصلاة قبل القراءة .

فثبت بذلك أن كذلك موضع التكبير في صلاة العيدين في الركعة الأولى ، هو ذلك الموضع منها .

ووجدنا القنوت في الوتر يفعل في الركعة الأخيرة من صلاة الوتر ، فكل قد أجمع أنه بعد القراءة ، وأن القراءة مقدمة عليه .

وإنما اختلفوا في تقديم الركوع عليه ، وفي تقديمه على الركوع .

فأما في تأخيره عن القراءة ، فلا .

فثبت بذلك أن موضع التكبير من الركعة الآخرة من صلاة العيد ، هو بعد القراءة ، يستوي موضع سائر الذكر في الصلوات ، ويكون موضع كل ما اختلفوا في موضعه منه ، كموضع ما قد أجمع على موضعه .

وكل ما بينا في هذا الباب ، فهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمة الله عليهم أجمعين .

التالي السابق


الخدمات العلمية